الأساطير عند العرب
يقرر بعض دارسي الأدب أن ما وصل إلينا من تراث الجاهليين لا يدل صراحة على وجود تراث أسطوري كبير ، وذلك بسبب إهمال الرواة المسلمين في عصر التدوين لما رأوه فيه مما لا يتفق وعقيدتهم الإسلامية ، منطلقين في ذلك من فهمهم العام للأسطورة من حيث كونها كل شيء يناقض الواقع أو بتعبير آخر ما لا وجود له في الواقع . وقد ورد لفظ أساطير الأولين في القرآن الكريم في تسعة مواضع في سياق تكذيب المشركين لرسالة محمد$ بعامة والقرآن بخاصة . فكانوا يصفون القرآن بأنه أساطير الأولين ، أي أباطيل وخُرافات الأولين . )وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً(الفرقان : 5 . )إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين(القلم : 15 . ويمكن القول إن كثيراً من القصص التي تروى في العهد القديموفي آثار سامية أخرى تنتمي إلى تلك الطائفة الكبيرة من الأساطير التي صيغت في قلب الجزيرة العربية من أزمنة سحيقة . غير أن بعض هذه الأساطير قد تسرَّب إلينا في قصص الأيام ( أيام العرب ) مشوباً ببعض الخرافات والحكايات الشعبية كما تسرب إلى أنساب العرب .
وتعد حكايات ألف ليلة وليلة ممثلة لفن الحكاية الخرافية عند العرب . ويكفي أن نشير إلى حكاية علاء الدين والمصباح السحري وحكاية علي بابا والأربعين وحكاية الصياد والشبح وحكاية الشجرة المتكلمة وحكاية الطير المغني وحكاية الأخوات الحاقدات ثم حكاية الأمير أحمد .
وتزخر حكايات ألف ليلة وليلة بالجن والعفاريت والخوارق . ومن أبرز الخوارق خاتم سليمان يفركه البطل فيظهر له جني يأتمر بأمره ويحقق له ما يريد كما في حكاية معروف الإسكافي . وتتردَّد في الحكايات أدوات خارقة مثل الحصان الطائر الصعلوك الثالث من قصة الحمَّال والبنات الثلاث .
ومن مشهور الأساطير العربية الغول والعنقاء وقد أكثر الشعراء من ذكرهما وضربوهما مثلاً في القلة والندرة . وسيطرت فكرة الهامة في الشعر العربي زماناً وهي طائر أو دابة تخرج من رأس القتيل وتظل هائمة تطلب القصاص وتردد " اسقوني اسقوني " ولا تهدأ حتى يؤخذ بالثأر من القاتل فتروى من دمه وتسكن . وقد وظف كثير من الشعراء والأدباء في العصر الحديث الأسطورة واتخذوها قناعاً ورمزاً لكثير من المعاني والأفكار .
وقد أدرك الغربيون ما في تلك الحكايات الخرافية من سحر ورفاهة مغزى وصور جديدة تأسر القارئ عن طريق روعتها التي تنبع من حياة البذخ ، مما حدا بهم أن يترجموها إلى لغاتهم .
فهد