زواجها: هي: هند بنت أبي أمية.
واسمه سهيل زاد الراكب بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة من بني مالك بن كنانة.
كانت أم سلمة قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند أبي
سلمة عبد الله بن عبد الأسد.
فولدت له سلمة وعمر وزينب ثم توفي عنها.
فخلف عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1) وروى الحاكم عن مصعب بن عبد الله قال: كانت أم سلمة هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة.
وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد.
وهو أول من هاجر إلى أرض الحبشة.
وشهد بدرا " وتوفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فولدت لأبي سلمة.
سلمة وعمر ودرة وزينب (2).
وعن أبي جعفر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
دخل على
أم سلمة حين توفي أبو سلمة.
فذكر ما أعطاه الله وما قسم له وما فضله.
فما زال يذكر ذلك ويتحامل على يده.
حتى أثر الحصير في يده مما يحدثها (1) وروى الحاكم وغيره: لما أنقضت عدة أم سلمة خطبها أبو بكر فردته.
وخطبها عمر فردته (2) وروى ابن سعد عن أم سلمة قالت: لما خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إني في خلال لا ينبغي لي أن أتزوج رسول الله.
إنن إمرأة مسنة.
وإني أم أيتام.
وإني شديدة الغيرة.
قالت.
فأرسل إلي رسول الله: أما قولك إني إمرأة مسنة فأنا أسن منك.
ولا يعاب على المرأة أن تتزوج أسن منها.
وأما قولك إني أم أيتام فإن كلهم على الله وعلى رسوله.
وأما قولك إني شديدة الغيرة.
فإني أدعو الله أن يذهب ذلك عنك.
قالت: فتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأنتقلني فأدخلني بيت زينب بنت خزيمة أم المساكين بعد أن ماتت.
فإذا
جرة.
فإطلعت فيها فإذا فيها شئ من شعير.
وإذا رحى وبرمة وقدر.
فنظرت فإذا فيها كعب من إهالة.
قالت: فأخذت ذلك الشعير فطحنته ثم عصدته في البرمة وأخذت الكعب من الإهالة فأدمته به.
قالت: فكان ذلك طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وطعام أهله ليلة عرسه (3).
وروي الحاكم عن عمر بن أبي سلمة: إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تزوج أم سلمة.
في ليال بقين من شوال سنة أربع.
ثم إن أهل المدينة قالوا: دخلت أيم العرب على سيد الإسلام والمسلمين أول العشاء عروسا "، وقامت من آخر الليل تطحن وير أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها (4).
مناقبها: وروي عن سلمان قال: أتى جبريل عليه السلام نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة.
فجعل يتحدث ثم قام.
فقال نبي الله لأم سلمة: من هذا ؟ أو كما قال.
قالت: هذا دحية الكلبي.
قالت: والله ما حسبته إلا إياه.
حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبرنا (1) قال صاحب التاج الجامع للأصول: فأم سلمة رأت جبريل يتحدث مع النبي صلى اللة عليه وسلم.
فلما سألها من هذا.
ما فهمت إلا أنه دحية الكلبي.
لأنه كان يأتي في صورته أحيانا ".
ففيه فضل أم سلمة
لرؤيتها لجبريل ولحضوره في مجلسها (2).
وروي عن إياس عن أم الحسين.
أنها كانت عند أم سلمة.
فأتي مساكين فجعلوا يلحون وفيهم نساء.
فقلت: أخرجوا أو أخرجن.
فقالت أم سلمة: ما بهذا أمرنا يا جارية.
ردي كل واحد وواحدة ولو بتمرة تضعيها في يدها (3).
وروى الإمام أحمد عن عطاء بن رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيت أم سلمة فأتته فاطمة.
فقال أدعي زوجك وابنيك.
فجاء علي والحسن والحسين.
فدخلوا عليه فجلسوا على دثار.
وكان تحته كساء له خيبري.
قالت أم سلمة وأنا أصلى في الحجرة.
فأنزل الله عز وجل (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ") (4) فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم فضل.
الكساء فغشاهم به.
ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم هؤلاء أهل بيتي
وخاصتي.
فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ") قالت أم سلمة: فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله ؟ قال لا (إنك إلى خير إنك إلى خير) (1).
من معالم الإرشاد: مما روته أم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
يتبين أن أم سلمة كانت حجة بذاتها.
نظرا " لما شاهدته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما أخبرها به.
فلقد شاء الله تعالى أن تنزل آية التطهير في بيت أم سلمة.
وأن تشهد أم سلمة أصحاب هذه الآية.
وشاء الله تعالى أن ينزل جبريل وغيره من الملائكة عليهم السلام في بيتها.
ويخبروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتل الحسين بن علي بن أبي طالب.
وهو واحد من أهل الكساء الذين نزلت في حقهم آية التطهير.
ولقد روي عن أم سلمة: أحاديث تبين ما يستقبل الناس من الفتن.
وكانت هذه الروايات في حقيقة الأمر دعوة من أجل الأخذ بأسباب الحياة الكريمة.
ومما روي عن أم سلمة في هذا الباب عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت: أشهد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب عليا " فقد أحبني.
ومن أحبني فقد أحب الله.
ومن أبغض عليا " فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله (2) وعن ثابت مولى أبي ذر.
قال: كنت مع علي بن أبي طالب يوم الجمل.
فلما رأيت عائشة دخلني بعض ما يدخل الناس.
فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر فقاتلت مع أمير المؤمنين.
فلما فرغ ذهبت إلى المدينة.
فأتيت أم سلمة.
فقلت: إني والله ما جئت أسال طعاما " ولا شرابا ".
ولكني مولى لأبي ذر.
فقالت: مرحبا ".
فقصصت عليها قصتي.
فقالت: أين كنت حين طارت القلوب مطائرها ؟ قلت: إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس.
قالت: أحسنت.
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (علي مع القرآن والقرآن مع علي.
لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) (1).
وروي عن مالك بن جعونه قال: سمعت أم سلمة تقول: علي مع الحق.
ومن تبعه فهو على الحق.
ومن تركه ترك الحق.
عهدا " معهودا " قبل يومه هذا (2).
وعن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا " ذات يوم في بيتي.
فقال: لا يدخل علي أحد.
فإنتظرت.
فدخل الحسين.
فسمعت نشيج (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي.
فإطلعت فإذا حسين في حجره والنبي صلى الله عليه وسلم يمسح جبينه وهو يبكي.
فقلت: والله ما علمت حين دخل (4) فقال: إن جبريل كان معنا في البيت.
قال أفتحبه ؟ قلت: أما من الدنيا فنعم فقال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء (5).
وعندما فتحت أبواب الفتن لأخذ الناس بأسبابها.
قتل الحسين بن علي عليهما السلام.
وروي عن سلمى قالت: دخلت على أم سلمة وهي تبكي.
فقلت: ما يبكيك ؟ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام.
وعلى رأسه ولحيته التراب.
فقلت: ما لك يا رسول الله ؟ قال:
شهدت قتل الحسين آنفا ") (1) وروى الحاكم عن شهر بن حوشب قال: أتيت أم سلمة أعزيها بقتل الحسين بن علي (2) وروي أن أم سلمة قالت عندما بلغها قتل الحسين: قد فعلوها ملأ الله قبورهم - أو بيوتهم عليهم نارا ".
ووقعت مغشيا " عليها (3).
لقد قدر لأم سلمة رضي الله عنها أن تشهد المقدمات والنتائج.
وبين المقدمة وبين النتيجة كانت الحجة بالبلاغ فوق رؤوس المسيرة.
ولله في عباده شؤون.
وقال صاحب الإصابة: كانت أم سلمة موصوفة بالعقل البالغ والرأي الصائب.
وإشارتها على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تدل على وفور عقلها وصواب رأيها (4) وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه بعد ما كتب كتاب الصلح يوم الحديبية: إنحروا بدنكم وأحلقوا رؤوسكم.
فإمتنعوا وقالوا: كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة.
فإغتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشكا ذلك لأم سلمة فقالت: يا رسول الله إنحر أنت وأحلق.
فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق.
فنحر القوم (5).
ومما يدل على رجاحة عقلها أيضا ".
روي عن عبد الله بن رافع قال: كانت أم سلمة تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر وهي تمتشط: أيها الناس، فقالت لماشطتها: لفي رأسي.
قالت: فديتك إنما يقول: أيها الناس.
قالت أم سلمة: ويحك أو لسنا من الناس.
فلفت رأسها وقامت في حجرتها فسمعته يقول: أيها الناس بينما
أنا على الحوض جئ بكم زمرا ".
فتفرقت بكم الطرق (1).
فناديتكم: ألا هلموا إلي الطريق (2).
فناداني مناد من بعدي (3) فقال: إنهم قد بدلوا بعدك (4).
فقلت: ألا سحقا " سحقا " (5).
وفاتها: قال ابن حيان: ماتت سنة إحدى وستين بعد ما جاءها نعي الحسين بن علي (6) وقال أبو نعيم: ماتت سنة اثنتين وستين وهي آخر أمهات المؤمنين موتا " (7) وروى الحاكم عن عطاء بن السائب قال: كنا قعودا " مع محارب بن دثاز فقال: حدثني ابن سعيد بن زيد أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد.
خشية أن يصلي عليها مروان بن الحكم ( وقال أبو عمر: دخل قبرها عمر وسلمة ابنا أبي سلمة ودفنت بالبقيع رحمة الله عليها (9).