بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة المواطنون أعضاء مجلس الأمة
لقد جئت إليكم على طريق جمال عبد الناصر، وأعتبر أن ترشيحكم لي بتولي رئاسة الجمهورية، هو توجيه بالسير على طريق جمال عبد الناصر، وإذا أدت جماهير شعبنا رأيها في الاستفتاء العام "بنعم" ، فإنني سوف أعتبر ذلك أمرا بالسير على طريق جمال عبدالناصر، الذي أعلن أمامكم بشرف إنني سأواصل السير فيه على أية حال، ومن أي موقع. إن الأيام الماضية في حياتنا كانت أيام حزن عظيم. ولكن هذه الأمة الخالدة استطاعت بصمودها الفذ أن تحول مشاعر حزنها العظيم إلى طاقة قوة عظيمة، فخرجت من كل ما عانت بأسرع مما قدر أحد، وقررت وصممت وحسمت فى عبارة واحدة شاملة قاطعة، قائلة في نفس واحد طريق جمال عبدالناصر.
أيها الأخوة
لقد كنت أفكر طويلا خلال الأيام الأخيرة فيما يمكن أن نقوم به في مواجهة ما قضت به إرادة الله عز وجل. ولقد وضعت لتفكيري كله قاعدة واحدة هي أن أبدأ كل تصرف بسؤال محدد هو: ماذا كان يطلب منا لو أنه كان ما زال بيننا، وكنت على ضوء معرفتي به، رفقة ثلاثين سنة وزمالة نضال وراء معركة بعد معركة، وفهم صديق لصديق. كنت أقدر الخطى والمواقع، باحثا على هذا النحو ومستلهما. ولو كان جمال عبدالناصر بيننا هذه اللحظات لقال لا تحزنوا ولكن تحركوا، لا تقفوا ولكن تقدموا، لا تترددوا ولكن أكملوا الطريق. وذلك ما فعله شعبنا العظيم، وذلك ما فعلته تعبيرا عن كل المؤسسات السياسية والدستورية التي تمثل سلطة الشعب.
أيها الأخوة
إنني لست بحاجة إلى أن أطيل عليكم في وصف معالم طريق جمال عبد الناصر، فأنتم تعرفون، وشعبنا يعرفه، وأمتنا العربية تعرفه، والدنيا بأسرها تعرفه. إنه طريق طويل بمسافة آمالنا، وهو طريق شاق بمقدار ما
نواجه من خطر. وآمالنا على الأفق عريضة، والخطر من أعدائنا واصل إلى احتلال بعض من ترابنا الوطني المقدس.
وأريد أن أحدد أمام حضراتكم مجموعة من النقاط أرى لها أهمية خاصة قبل أن نصل إلى مجمل طريق جمال عبد الناصر. هذه النقاط ذات الأهمية الخاصة هي كما يلى:
أولاً: إننا مطالبون بالدرجة الأولى، وبكل الوسائل، بمواصلة النضال من أجل تحرير كل الأرض العربية المحتلة في عدوان سنة 1967، وهي القدس العربية وغزة والضفة الغربية للأردن والمرتفعات السورية وصحراء سيناء المصرية، وذلك مع الحرص الكامل على حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى استمرار نضاله في سبيل أرضه. ومن أجل مصيره والضمان الحقيقي لهذا الهدف المشروع من نضالنا يتمثل في مطلب أساسي واحد، هو تعزيز القدرة القتالية للقوات المسلحة المصرية لتكون حماية للسلام القائم على العدل، أو أداة لفرضه.
ثانياً: إننا مطالبون بمواصلة النضال من أجل وحدة الأمة العربية، وإن متناقضات هذه الأمة وتأزمها طبيعي في مرحلة الماضي التي تعيشها الأمة لايجب له أن يلهينا عن جوهر الحقيقة التي طالما نادى بها وعمل من أجلها جمال عبد الناصر، وهو إننا أمة واحدة تاريخها واحد ونضالها واحد ومصيرها واحد.
ثالثاً: إننا مطالبون بتحديد أعداء أمتنا تحديدا لا شبهة فيه. وأعداؤنا هم إسرائيل والصهيونية الدولية والاستعمار العالمي.
ونحن في صراع مصيري معهم جميعا، وهو صراع لا يستهدف الغزو، ولكن يطلب الأمن. لا يستهدف السيطرة ولكن يطلب الحرية. لا يستهدف الحرب للحرب، ولكن يطلب السلام كما يجب أن يكون السلام.
رابعاً: إننا مطالبون بالتمسك بسياسة عدم الانحياز. ولكن سياسة عدم الانحياز كما علمنا جمال عبد الناصر ليست موقفا سلبيا وإنما سياسة عدم الانحياز على طريقته هي انحياز لاستقلالنا وانحياز لحريتنا وانحياز للسلام وانحياز للتقدم.
وبالتالي فهي سياسة تصد للأخطار التي تهدد هذه القيم كلها، وإن صداقتنا الخاصة مع الاتحاد السوفيتي وشعوبه العظيمة ووراءه مجموعة الشعوب الاشتراكية الكبيرة لتتسق اتساقا كاملا مع سياسة عدم الانحياز، وهي تطبيق عملي وواقعي لشعار من أبرز شعارات قائدنا العظيم، وهو القائل: " نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا ".
خامساً: إننا مطالبون دواماً بأن نذكر ولا ننسى أننا جزء من حركة التحرر الوطني العظيمة باتجاهها التقدمي الاشتراكي، وإننا جزء من حركة التقدم العالمي الضخمة، وإننا بشعبنا وأمتنا تيار حضاري مؤثر يعطي ويأخذ ويفعل ويتفاعل.
سادساً: إننا مطالبون أولاً وأخيراً بالحفاظ على المكاسب الاشتراكية التي تحققت لجماهير قوى شعبنا العامل، وبالمضي في هذا الطريق الذي رسمه وحدده لنا قائدنا جمال عبد الناصر وترجمة أمينة لآمال جماهير الشعب العامل وحتمية مصير ووجود.
أيها الأخوة
بعد هذه الملاحظات، أجيء على مجمل طريق عبد الناصر، ولن تسمعوا فيه مني جديداً، وكل ما أفعله فيه هو أن أؤكد عهداً. إنني جئت معي إلى هذا المجلس بوثيقة واحدة أودعها فيه وأمشي قائلاً لكم هذا برنامجه وهذا برنامجي أيضاً، لأنه إرادة الشعب. إننى أودع في هذا المجلس بيان 30 مارس، فذلك آخر برنامج متكامل قدمه جمال عبد الناصر لأمته وصدقت عليه جماهير شعبه في استفتاء عام حر، واعتمدته طريقاً للنضال وامتداداً عضوياً للميثاق على ضوء الظروف الطارئة التي واجهت نضالنا ابتداء من يونيه سنة 1967.
إن بيان 30 مارس يمثل في هذه المرحلة وحدة أمتنا، ونحن في حاجة إلى هذه الوحدة. وبيان 30 مارس يمثل في هذه المرحلة أهدافنا الواضحة، ونحن في حاحة إلى وضوح الهدف. وبيان 30 مارس يمثل في هذه المرحلة إرادة شعبية تعلو أي إرادة غيرها. وبيان 30 مارس تجسيد لإرادة شعبية لا يرقى إليها شك. وفوق ذلك فإن بيان 30 مارس امتداد عضوي للميثاق وهو العلامة التي كتبها جمال عبد الناصر بنفسه على رأس طريقه.
أيها الأخوة
لكنني أود أن أضيف شيئا إلى ذلك، وأقول لكم بأمانة الإحساس بالمسئولية، ذلك أن العمل من أجل تطبيق برنامج 30 مارس في وجود جمال عبد الناصر شيء، والعمل والتطبيق في غياب جمال عبد الناصر شيء آخر.
إن جمال عبد الناصر كان بطلاً تاريخياً، والبطل لا يصنع ولكنه يولد من ضمير أمته. ولهذا فإن قدرته لا يمكن أن تقاس بما تواضع عليه الناس من معايير.
إن غياب البطل يعني شيئا لا ينبغي له أن يغيب عنا وهو أن المسئولية تصبح كلها واجب الجماهير بقواها العاملة ومؤسساتها وتنظيماتها وأجيالها الحرة المتصلة اتصالا مباشرا بكفاح كل يوم. لذلك فإن تأكيدنا للعهد يجب أن يصحبه استعدادنا جميعا لتحمل مسئولياتنا كان وجوده يعفينا منها.
وأصارحكم القول أنه ليس بمقدوري ولا بمقدور أي شخص أن يتحمل ما كان يتحمله جمال عبد الناصر، ولذلك فإنه من الضروري إعادة توزيع المسئوليات ضمانا لأداء الأمانة، كما يجب أن تؤدى الأمانة وفاء لحق الشعب وتكريما لذكرى قائده.
أيها الأخوة
إنكم أضفيتم عليّ شرفاً يعلم الله أنه لم يخطر ببالي في حياتي ولا سعيت إليه، وإنني أقدر مسئولية ما ترون. لكن عوني في تحمل المسئولية أن تكونوا كلكم والأمة بأسرها معي قولا وعملا على طريق جمال عبد الناصر الذي يعيشه الآن في قلب أمته العربية بقدر ما عاشته أمته العربية في قلبه إلى لحظة أسلمنا فيها علم الكفاح. ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. والسلام عليكم ورحمة الله FaHd CoOoOoL ،