الدكتورة فوزية عبدالستار رئيس اللجنة التشريعية السابق بمجلس الشعب تقول
إن توحيد قوانين الاحوال الشخصية في قانون واحد يقصد به تجميع النصوص التي تتعلق بالاحوال الشخصية في تقنين واحد أي في مجموعة قانونية واحدة ومن مزايا هذا الوضع تسهيل الرجوع الي نصوص هذه القوانين للمشتغلين في هذا القانون سواء كانوا قضاء أو محامين ويساعد ذلك أيضاً المتعاملين في مكاتب فض المنازعات في محاكم الأسرة، وفي تصوري والكلام للدكتورة فوزية عبدالستار، ان توحيد قوانين الأحوال الشخصية ليس هو المطلوب وحده ولكن المطلوب توحيد جميع القوانين التي تحكم مجالاً تشريعياً واحداً، فمثلا هناك قوانين متعلقة بالتعليم وأخري بالصحة أو بالزراعة من الافضل وضعها في تقنين واحد، وهذا الامر يحتاج الي لجنة تقوم بهذا العمل لمراجعة القوانين وازالة التناقض والتكرار الذي قد يكون موجوداً بين النصوص، وعلاج أي ثغرات موجودة، بأن تقوم اللجنة باقتراح سد هذه الثغرات بما يحقق المصلحة العامة وتؤكد أن ذلك من شأنه تسهيل الرجوع الي القوانين وسرعة الفصل في المنازعات، ومثال ذلك أن بعض النصوص في القانون »1« لسنة 2000 كانت تحيل بعض الأمور الي قانون اخر للاختصاص والافضل أن يتم جمعها لوضعها في قانون الأسرة لأن كثرة المواد تربك العمل في المحاكم.
وتؤكد الأستاذة الدكتورة "فوزية عبد الستار"
أنه بالرغم من وجود محاكم الأحوال الشخصية مخصصة لقضايا الأسرة والنفقة والأطفال والطلاق، لكن ما يحدث في الواقع أن أحد الزوجين قد يلجأ إلى المحاكم العادية غير محاكم الأحوال الشخصية نكاية في الآخر، مثل رفع دعوى تبديد أثاث من قبل الزوجة ضد زوجها؛ ردا على دعوته عليها بالطاعة، وكل منهما أمام محكمة منفصلة، فترفع الزوجة دعوى نفقة أمام محكمة ثالثة، وخلال فترات النزاع التي تستمر لسنوات في هذه المحاكم قد ترفع الزوجة دعوى حضانة أمام محكمة رابعة، وربما تكون الدعوى المتعلقة برؤية الأطفال أمام محكمة خامسة وهكذا، بما يشتت الجهد والوقت والمال ويزيد التوتر بين طرفي الأسرة المتنازعين (الزوج والزوجة)، بل إن بعض الأزواج قد يتعمد رفع دعاوى في محاكم بعيدة عن مكان إقامة الطرف الآخر نكاية فيه، فيضطر الطرف الآخر إلى الذهاب لتلك المحكمة التي ربما تكون في مدينة أخرى غير المدينة التي يقيم فيها.
وتضيف:
لهذا جاء القانون الجديد لجمع هذه القضايا كلها في محكمة واحدة تتبع مكان إقامة الأسرة، تضمن أن تجمع كل قضايا الأسرة الواحدة في (ملف) واحد يكون برمته أمام القاضي يحتوي على جميع الدعاوى والأمور التي تسبب النزاع الأسري باعتبار أن كل هذه الدعاوى أفرع لنزاع واحد، ولعل من أهم مميزات هذه المحكمة أن القضاة سيكونون على علم بكافة دقائق وجوانب المشكلة؛ وبالتالي يكونون الأقدر على سرعة الفصل فيها، ويكون الحكم الصادر في هذه الحالة الأقرب على تحقيق العدالة خاصة مع وجود الإخصائيين الاجتماعيين الذين سيدرسون أسباب النزاع وظروف الزوجين والأبناء، ويمنع قانون المحكمة رفع دعاوى في أماكن أو محاكم أخرى حتى لا ينتج عن ذلك ضياع الحقوق وإرهاق الأطراف المتنازعة وأيضا تتباعد المدة للحصول على الأحكام، كما حدد المشروع التزام الخصوم بالتواجد حتى لا تزيد فترات تأجيل نظر القضايا لإلمام القاضي بكل ما يحيط بالقضية وفروعها.
مميزات القانون الجديدوتشير الأستاذة الدكتورة "فوزية عبد الستار" إلى أن
القانون الجديد يقتصر على درجتين للتقاضي فقط -ابتدائي واستئناف- وليس ثلاثا كما هو الحال الآن؛ حيث تم إلغاء حكم النقض أو المرحلة الثالثة للأحكام للتيسير على المتنازعين؛ وهو ما يقصر مدة الدعاوى بل وقد تنتهي بالصلح نتيجة تبصير المتنازعين بكل جوانب القضية.
الصلح خير وتوضح المحامية "نازلي الشربيني" أن
أهم ما يميز قانون هذه المحكمة التي سيبدأ بها العمل قريبا هو دور الصلح بين الزوجين الذي يمكن أن تقوم به النيابة العامة للتوفيق بين طرفي النزاع الأسري من خلال وجود إخصائية اجتماعية (يشترط سيدة)، وتنعقد المحكمة بثلاثة قضاة بالإضافة إلى إمكانية الاستعانة بعلماء الدين، وبهذا تكون محكمة الأسرة قد أوجدت كيانا جديدا يتصدى لمشاكل الأسرة هو نيابة عامة مؤهلة لاستيعاب هذه المشاكل وإيجاد حل لها ويعاون المحكمة خبيران أحدهما اجتماعي والآخر نفسي، أحدهما من النساء.
يذكر ان العديد من الجمعيات النسائية المصرية والمنظمات الحقوقية قد رحبت ببدء العمل بقانون محكمة الأسرة في مصر، في الثاني من (أكتوبر) الحالي، الذي يستهدف سرعة الفصل في النزاعات المتعلقة بالعلاقة بين الزوجين والأبناء، ويقصر فترة التقاضي على درجتين ابتدائي واستئناف، وليس ثلاثا، بعد إلغاء حكم النقض، أو المرحلة الثالثة للأحكام، ويقصر مدة الدعاوى. وفي الوقت نفسه أبدت مصادر حقوقية مخاوف من أن تكون السرعة في حسم القضايا عبر هذه المحاكم مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، أو تزيد معدلات الطلاق في مصر، واللجوء لهذه المحاكم كوسيلة أكثر فاعلية من "الخلع"، الذي تتأخر حسم قضاياه. واستغربت وجود سيدة بين قضاة هذه المحاكم الجديدة الثلاثة، إضافة إلى أخصائيين اجتماعي ونفسي، ودون الاستعانة بقاض شرعي، يكون رجل دين بشكل أساسي، على غرار المحاكم الشرعية الملغاة في خمسينات القرن الماضي.
وينص قانون المحكمة على اختصاص محاكم الأسرة، دون غيرها، في نظر جميع مسائل الأحوال الشخصية، حيث تصبح محكمة الأسرة مختصة بنظر أول دعوى ترفع إليها من أحد الزوجين دون غيرها، في ما يتعلق بالطلاق أو التطليق ودعاوى النفقات والأجور، أو ما في حكمها، سواء للزوجة أو الأولاد أو الأقارب، وكذلك حضانة الصغير. حسم القضايا في 15 يوما وتتميز هذه المحاكم على ما سواها من المحاكم المصرية الأخرى العادية بأنها، وفق قانون إنشائها، ستنظر في كل ما يختص بالأسرة من قضايا في وقت محدد، لا يتجاوز 15 يوما، حيث يوضح القانون أنه عند رفع أول دعوى قضائية يتم إنشاء ملف للأسرة، يضم أوراق هذه الدعوى، وكذلك أوراق كافة الدعاوى الأخرى، التي قد ترفع بعد ذلك، بما في ذلك الطعون أمام الدائرة الاستثنائية.
وتتولى النيابة العامة دعاوى الأحوال الشخصية، التي لا يجوز فيها الصلح، والدعاوى العاجلة، ومنازعات التنفيذ في الأحكام، وبذل مساعي الصلح بين أطراف الدعوى.
ويباشر مساعي التوفيق رئيس نيابة على الأقل
مستعينا بأحد رجال الدين، وتنتهي هذه المهمة خلال 15 يوما من تاريخ قيد الدعوى، ويسمح بتجاوز هذه المدة باتفاق الحضور، لمدة لا تزيد عن 15 يوما أخرى، فإذا تم الصلح في هذا الوقت تتولى النيابة إثباته في محضر يوقعه الخصوم، ويلحق بمحضر الجلسة، وتكون له قوة المستندات واجبة التنفيذ، وتنتهي به الدعوى في حدود ما تم الصلح فيه. أما إذا لم يتم الصلح خلال هذه المدة يعاد رفع الدعوى للمحكمة.
وتؤكد الدكتورة فوزية عبد الستار
أستاذة القانون ورئيسة اللجنة التشريعية بمجلس المرأة أن القانون الجديد يتميز بضم قضايا الأسرة المختلفة في محكمة واحدة مخصصة لقضايا الأسرة والنفقة والأطفال والطلاق، بدلا من لجوء الزوجين لعدة محاكم متنوعة، وفي أماكن بعيدة عن إقامتهما، لإطالة أمد القضية، مما يشتت الجهد والوقت والمال، ويزيد التوتر بين طرفي الأسرة المتنازعين (الزوج والزوجة).
يذكر أن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم قدم
قانون الأسرة باعتباره أحد "الخطوات الكبيرة" على طريق الإصلاح السياسي، في العامين الماضيين، بجانب الإلغاء الجزئي لمحاكم أمن الدولة العليا، وإنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، وكان القانون رقم 1 لسنة 2000 الخاص بتنظيم إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، المعروف بـ"قانون الخلع" قد نص في المادة "10" منه على وجود محكمة الأسرة، وما يترتب عليها من تشكيل صندوق تكافل النفقات، وعمل الأخصائيين الاجتماعيين.