عدد الرسائل : 329 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 05/10/2007
موضوع: في معنى الابن شرعاً ( بحث علمي ) الخميس أبريل 03, 2008 6:34 am
رابطة النسب ـ وهي الرابطة التي تربط الفرد من الانسان بالفرد الآخر من جهة الولادة وجامع الرحم ـ هي في الأصل رابطة طبيعية تكوينية تكون الشعوب والقبائل، وتحمل الخصال المنبعثة عن الدم فتسريها حسب تسرية الدم، وهي المبدء للآداب والرسوم والسنن القومية بما تختلط وتمتزج بسائر الأسباب والعلل المؤثرة. وللمجتمعات الإنسانية المترقية وغير المترقية نوع اعتناء بها في السنن والقوانين الاجتماعية في الجملة: في نكاح وإرث وغير ذلك، وهم مع ذلك لا يزالون يتصرفون في هذه الرابطة النسبية توسعة وتضييقاً بحسب المصالح المنبعثة عن خصوصيات مجتمعهم كما سمعت في المباحث السابقة أنغالب الامم السالفة كانوا لا يرون للمرأة قرابة رسماً وكانوا يرون قرابة الدعي وبنوته، وكما أن الإسلام ينفي القرابة بين الكافر المحارب والمسلم، ويلحق الولد للفراش وغير ذلك. ولما اعتبر الإسلام للنساء القرابة بما أعطاهن من الشركة التامة في الأموال، والحرية التامة في الإرادة والعمل على ما سمعت في المباحث السابقة، وصار بذلك الابن والبنت في درجة واحدة من القرابة والرحم الرسمي، وكذلك الأب والام، والاخ والاخت، والجد والجدة ،والعم والعمة ،والخال والخالة صار عمود النسب الرسمي متنزلاً من ناحية البنات كما كان يتنزل من ناحية البنين فصار ابن البنت ابناً للإنسان كبنوة ابن الابن وهكذا ما نزل، وكذا صار بنت الابن وبنت البنت بنتين للإنسان على حد سواء، وعلى ذلك جرت الأحكام في المناكح والمواريث، وقد عرفت فيما تقدم أن آية التحريم «حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم» الآية دالة على ذلك. وقد قصر السلف من باحثينا في هذه المسألة وأشباهها (وهي مسألة اجتماعية وحقوقية) فحسبوها مسألة لغوية يستراح فيها إلى قضاء اللغة، فاشتد النزاع بينهم فيما وضع له لفظ الابن مثلاً فمن معمم ومن مخصص، وكل ذلك من الخطاء. وقد ذكر بعضهم: أن الذي تعرفه اللغة من البنوة ما يجري من ناحية الابن، وأما ابن البنت وكل ما يجري من ناحيتها فللحوق هؤلاء بآبائهم لا بجدهم الامي لا يعدهم العرب أبناء للإنسان، وأما قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحسنين: ابناي هذان إمامان قاماً أو قعدا وغير ذلك فهذا الإطلاق إطلاق تشريفي، وأنشد في ذلك قول القائل.
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
بنوهن أبناء الرجال الأباعد
ونظيره قول الآخر:
وإنما امهات الناس أو عية
مستودعات وللأنساب آباء
أقول: وقد اختلط عليه طريق البحث فحسبه بحثاً لغوياً زعم فيه أن العرب لو وضعت لفظ الابن لما يشمل ابن البنت تغيرت بذلك نتيجة البحث، وهو غفلة عن أن الآثار والأحكام المترتبة في المجتمعات المختلفة البشرية على الابوة والبنوة ونحوهما لا تتبع اللغات، وإنما تتبع نوع بنية المجتمع والسنن الدائرة ضفيها، وربما تغييرت هذه الأحكام والآثار بتغيير السنة الاجتماعية في المجتمع مع بقاء اللغة على حالها، وهذا يكشف عن كون البحث اجتماعياً او عائداً إليه لا لفظياً لغوياً. وأما ما أنشد من الشعر فليس يسوي الشعر في سوق الحقائق شيئاً ـ وليس إلا زخرفة خيالية وتزويقاً وهمياً ـ حتى يستدل بكل ما تقوله شاعر لاغ ولا سيما فيما يداخله القرآن الذي هو قول فصل وليس بالهزل. وأما مسألة لحوق الأبناء بآبائهم دون الأجداد من جانب الامهات فهي على أنها ليست مسألة لفظية لغوية ليست من فروع النسب حتى يستلزم لحوق الابن والبنت بالأب انقطاع نسبهما من جهة الام، بل من فروع قيمومة الرجل على البيت من حيث الإنفاق، وتربية الأولاد ونحوها. وبالجملة فالام تنقل رابطة النسب إلى أولادها من ذكور أو إناث كما ينقلها الأب، ومن آثاره البارزة في الإسلام الميراث وحرمة النكاح؛ نعم هناك أحكام ومسائل اخر لها ملاكات خاصة كلحوق الولد والنفقة ومسألة سهم أولي القربى من السادات وكل تتبع ملاكها الخاص بها.