الاحتيال في نصوص القانون
جرمت القوانين كافة فعل الاحتيال وعلى سبيل المثال سأناقشه من خلال قانون العقوبات السوري الذي أتى على توصيف الأفعال التي تعتبر احتيالاً ونص على العقوبة الجنحية لها
فقد ورد ذكر الاحتيال في المادة 641 وما تلاها لغاية المادة 646 من قانون العقوبات السوري وتنص المادة 641 على :
1 ـ كل من حمل الغير على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقولاً و أسناداً تتضمن تعهداً أو إبراءاً فاستولى عليها احتيالاً:
إما باستعمال الدسائس .
أو بتلفيق أكذوبة أيدها شخص ثالث ولو عن حسن نية.
أو بظروف مهد له المجرم أو ظرف استفاد منه.
أو بتصرفه بأموال منقولة أو غير منقولة وهو يعلم أن ليس له صفة للتصرف بها.
أو باستعماله اسماً مستعاراً أو صفة كاذبة.
عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مائة إلى خمسمائة ليرة.
2 ـ يطبق العقاب نفسه في محاولة ارتكاب هذا الجرم .
المادة 642
تضاعف العقوبة إذا ارتكب الجرم في إحدى الحالات الآتية:
أ ـ بحجة تأمين وظيفة أو عمل في إدارة عمومية.
ب ـ بفعل شخص يلتمس من العامة مالاً لإصدار أسهم أو سندات أو غيرها من الوثائق لشركة أو لمشروع ما.
الملاحظة الأولى وقبل مناقشة نص المواد والتعريف القانوني نلفت النظر إلى أن القانون السوري عاقب حتى على الشروع في هذه الجريمة والشروع في الجنحة يجب أن ينص عليه قانوناً كما ذكرت المادة 201 من القانون :
1 ـ لا يعاقب على الشروع في الجنحة وعلى الجنحة الناقصة إلا في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة.
2 ـ العقوبة المفروضة للجنحة التامة يمكن تخفيضها حتى النصف في الجنحة المشروع فيها، وحتى الثلث في الجنحة الناقصة.
ولا يكون عفواً كالجناية كما ورد في المادة 199 منه :
المادة 199
1 ـ كل محاولة لارتكاب جناية بدأت بأفعال ترمي مباشرة إلى اقترافها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم يحل دون إتمامها سوى ظروف خارجة عن إرادة الفاعل.
أما المواد البقية فقد أتت على أفعال محددة بعقوبة محددة وهي ما جرى مجرى الاحتيال والملاحظ بها أن هذه النصوص تهدف لإرساء قواعد الثقة العامة بالتعامل لكن الملاحظ بها أيضاً ضعف العقوبة لا سيما في مجتمع تطورات أساليب الاحتيال به وتفاقم الضرر الناجم عن هذا الاحتيال نورد بقية هذه النصوص :
المادة 643
كل من استغل احتياجات أو عدم خبرة أو أهواء قاصر دون الثامنة عشرة من عمره أو مجذوب أو معتوه فحمله على اجراء عمل قانوني من شأنه الاضرار بمصالحه أو مصالح الغير عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة توازي قيمة الضرر ولا تنقص عن مائة ليرة.
المادة 644
كل من حمل الغير على تسليمه بضاعة مع حق الخيار أو لوعدة وهو ينوي عدم دفع ثمنها أو كان يعرف أنه لا يمكنه الدفع عوقب بالحبس حتى ستة أشهر وبغرامة حتى مائة ليرة إذا لم يردها أو لم يدفع ثمنها بعد انذاره.
المادة 645
كل من وفر لنفسه منامة أو طعاماً أو شراباً في محل عام وهو ينوي عدم الدفع أو يعلم أنه لا يمكنه أن يدفع، عوقب بالحبس التكديري وبالغرامة من خمسة وعشرون إلى مائة ليرة.
المادة 646
يقضى بالعقوبة نفسها على كل من اتخذ بالغش واسطة نقل برية أو بحرية أو جوية دون أن يدفع أجرة الطريق.
تعريف الاحتيال قانوناً : هو الاستيلاء على مال مملوك للغير بخداعه وحمله على تسليم ذلك المال .
الركن المادي للاحتيال :
فالاحتيال يقع على حق الملكية سواء منقولة أو غير منقولة ويتميز بأسلوب الخداع لحمل المحتال عليه على تسليم المال بإرادته للمحتال ظناً منه أن ذلك في مصلحته أو مصلحة شخص يهمه ومن ثمة المرحلة الأخيرة والغاية هي نية المحتال بعدم إرجاع المال منذ وقت تسلمه فهنا لدينا رابطة سبيية بين أفعال ونتائج نجمت عنها:
1 ـ فعل الخداع والاحتيال
2 ـ وقوع المجني عليه في الغلط وتسليمه المال للغير الذي يقوم بالاحتيال
3 ـ النتيجة : حصول المحتال على المال وعدم إرجاعه للمخدوع وإلحاق الضرر به
وقد حدد القانون السوري حالات الاحتيال في المادة 641 على سبيل الحصر وبيان الأموال المعتدى عليها
فالاحتيال من الناحية القانونية يتصف بصفتين
1 ـ هو جريمة أموال :
ومن ثم فلا يسمى احتيالاً في القانون ما لم يقع على مال فالإيقاع بفتاة وخداعها للوصول لأغراض معينة كالنيل منها أو حملها على قبول الزواج لا يدخل في باب الاحتيال من جهة القانون إلا إذا كان الزواج مزيفاً ولغاية الحصول على مالها فقط بينما لو نيته جادة بالزواج مع رغبته باستغلال أموالها كزوج فلا يدخل في باب الاحتيال
2 ـ الاحتيال يقوم على تغيير الحقيقة :
أن جوهر الخداع هو تشويه للحقائق في ذهن المجني عليه بما يحمله على القبول بتصرف ضار به أو بغيره ويقارب الاحتيال هنا جريمة التزوير من جهة تغيير الحقيقة لكنه يختلف عنها أنه وسيلة للاعتداء على الملكية بينما التزوير ليس شرطاً لذلك والاحتيال قد يكون خطي كما في التزوير وقد يكون الخداع شفهياً
كما أن الاحتيال يفترض في مرتكبيه قدراً من الذكاء و البراعة في التلفيق واستغلال نقاط الضعف لدى الآخرين البسطاء للدخول منها .
ويتشرط أن يكون المال مملوكاً للغير فبالطبع لا يتصور الاحتيال بمال مملوك للمحتال ولكن في حالة الملكية على الشيوع أي للمحتال شيء من الملكية فهذا لا ينفي وقوع الاحتيال تجاه باقي الشركاء فالشريك على الشيوع مالك لكل ذرة بالمال المشاع
ولكن لا يعتبر من قبيل الاحتيال استرداد مال مملوك للمحتال ولو بوسيلة احتيال كالمؤجر والمودع وغيرهم ممن يستردون حقهم بالاحتيال ممن يوجد لديه هذا الحق
إلا أن ذلك لا يطابق استرداد مال من ذمة المدين بالاحتيال بحجة أن الدائن يسترد حقه و لا يحق للدائن المحتال الاحتجاج بأنه يسترد ما يقابل حقه فملكية المدين هنا تعتبر ملكية للغير
فهل اختلف الوضع بين الحالة الأولى حالة المؤجر والمعير والراهن وبين حالة النقود ؟.؟
في الحالة الأولى المال مملوك للمحتال بينما في النقود له حق مالي بذمة المدين غير محدد بأجزاء بعينها مملوكة له .
إذن لا بد من الإيتان بعمل إيجابي لوقوع الاحتيال وعلى هذا أتى اجتهاد محكمة النقض السورية :
يشترط في جريمة الاحتيال المنصوص عليها في المادة 641 /ق ع أن يأتي الفاعل عملاً إيجابياً بأن ينتحل اسماً مستعاراً أو صفة كاذبة ليحمل الغير على تسليمه المال إما إذا ترك الغير يعتقد ـ خطأ ـ في صفة ليست له وتمكن من الحصول على المال فلا يعد فعله احتيالاً ويبقى الخلاف بينه وبين المجني عليه عند قبض المال وعدم إنجاز ما وعد به أو تلكأ في إنجازه مدني الصفة لا عنصر جزائي فيه