كشف مواطن الخوف في المخ
اكتشف علماء أجروا أبحاثا بواسطة لعبة كمبيوتر كيف يتغير رد فعل المخ تجاه الخوف كلما اقترب الخطر من الانسان وهو اكتشاف قد يساعد المرضى الذين يعانون من نوبات الهلع.
ويعتقد الباحثون أن هناك منطقتين رئيسيتين مسؤولتين عن الخوف في المخ تسيطر أكثرهما نشاطا على رد الفعل في حالة اقتراب الخطر. والخلل في التوازن بين المنطقتين قد يفسر بعض أسباب الاصابة باضطرابات القلق. وقال الباحثون من مركز “ويلكم تراس” للتصوير العصبي في جامعة لندن الذين نشروا بحثهم في مجلة ساينس (العلم)، إن تغير مستويات ردود الفعل ضروري من أجل البقاء.
قال الدكتور دين موبس من جامعة كوليدج لندن، وأحد مؤلفي الدراسة: “لولا الخوف، لن يمكن للحيوانات أن تتفاعل مع الخطر”.
و قال هذا الباحث، إن غياب الشعور بالخوف، طريقة خاطئة للاستمرار.
ولاكتشاف مواطن الخوف الحقيقية في المخ قام العلماء بإخافة مجموعة من المتطوعين عبر لعبة مطاردة الكترونية. واذا قبض على بطل اللعبة يتم صعق اللاعب بشحنة خفيفة من الكهرباء.
وأظهر مسح المخ الذي يقيس تدفق الدم لدى اللاعب نشاطا في الاجزاء السفلى من الفص الجبهي للمخ خلف الحاجبين حينما كان بطل اللعبة بعيدا عن مصدر الخطر.
والاجزاء السفلى من الفص الجبهي للمخ هي المنطقة المسؤولة عن اصدار القرارات المعقدة مثل التخطيط للهرب أثناء التعرض للخطر.
ولكن حينما اقترب مصدر الخطر من بطل اللعبة انتقل النشاط الى منطقة المادة السنجابية المركزية في المخ والمسؤولة عن اليات رد الفعل السريع الخاصة بالبقاء على قيد الحياة مثل القتال والفرار أو تجمد الحركة.
وقال موبس ان “الامر مثل الارجوحة.. كل من المنطقتين تلعب دورا ولكن واحدة تصبح أكثر سيطرة من الاخرى في مراحل مختلفة من الشعور بالخطر”.
ويبدو أن الاجزاء السفلى من الفص الجبهي للمخ هي المسؤولة عن الانظمة الاكثر بدائية في المخ وأي خلل في هذا النظام قد يفسر ما الذي يدفع المصابين بنوبات الهلع لاتخاذ ردود أفعال مبالغ فيها تجاه مواقف لا تمثل خطرا مباشرا.
وكان علماء في الولايات المتحدة قد توصلوا إلى الجين المرجح أنه مسؤول عن الخوف لدى الإنسان وهو الجين الذي يتحكم في إنتاج بروتين في منطقة بالمخ متصلة بالاستجابة للأشياء المخيفة.
وقد تقود نتائج دراستهم التي نشرت حديثا في دورية “سيل” إلى علاجات جديدة للاضطرابات العقلية مثل اكتئاب ما بعد الجراحة والقلق العام.
وأفاد الباحثون أن هذا الجين المعروف باسم “إستاثمين” أو “أونكوبروتين 18” يتركز بشكل كبير في اللوزة وهي منطقة في المخ مرتبطة بالخوف والقلق.
واعتبر غليب شومياتسكي الباحث بجامعة روتجرز في نيوجيرزي الذي عمل في الدراسة أن الاكتشاف يمثل تقدما هائلا في مجال التعلم والذاكرة سيسمح بفهم أفضل لاضطراب اكتئاب ما بعد الجراحة وأمراض الخوف واضطرابات الشخصية غير السوية وأمراض القلق الإنساني الأخرى.
وأضاف “أنه سيقدم معلومات هامة بشأن كيفية اكتشاف الخوف المكتسب والفطري ومعالجته وقد يسهم في التوصل إلى تطبيق علاجات جديدة”.
وذكر الباحثون أن فئران التجارب المعدلة وراثيا حتى لا تنتج جين استاثمين أصيبت باضطرابات في المخ وكانت أقل قدرة على تذكر الاستجابات للمخاوف.
ويتطور الخوف المكتسب بعد الربط المنطقي كأن يخشى الإنسان الحشرات بعد أن يتعرض للدغة مثلا من زنبور “دبور”، وهذه الذكريات تتشكل في منطقة اللوزة بالمخ.
وقال الباحثون إن الفئران أظهرت سلوكا غريبا، فرغم أنها تتجنب بشكل غريزي الأماكن المفتوحة فإن الفئران الخالية من جين استاتمين لم يبد عليها خوف من تلك الأماكن.
ولذلك أوضح الباحثون أن هذا الجين يتحكم على الأرجح في كل من الخوف المكتسب والفطري. وأضافوا أن الفئران قد تكون مفيدة في إجراء تجارب لعقاقير وعلاجات أخرى لاضطرابات القلق.
وكان العالمان جريجوري كويرك ومحمد ميلاد من كلية الطب في جامعة بويرتوريكو قد حددا منطقة في المخ تتصل بالشعور بالخوف مما قد يساعد على تطوير علاج للذين يعانون من اضطرابات بعد العمليات الجراحية او من نوبات القلق.
وقال كويرك “اكتشفنا منطقة في المخ تنشط عندما يقل الخوف. ووفقا لذلك اذا ما حفزنا هذه المنطقة كهربيا يمكننا تقليل الخوف”.
والخوف رد فعل للاحساس بالخطر وغريزة لحب البقاء لدى الحيوان والإنسان.
وتشكك العلماء في ان هناك نظاما بالمخ يقلل الخوف دون الغاء الذاكرة الخاصة به بالكامل ولكن حتى الآن لا يعرفون اين يكمن هذا النظام؟
وأضاف كويرك “نعتقد اننا وجدناه لأن هذه هي المرة الاولى التي يتم فيها تحفيز منطقة في هذا الجزء من القشرة الامامية للمخ عند تقليل الخوف”.
ويعتقد كويرك وميلاد ان وظيفة القشرة الامامية التي وجداها بدراسة سجلات الخلايا العصبية في مخ الفئران تمنع الخوف كرد فعل.
وقال العالمان انه يبدو ان الذين يعانون من اضطرابات بعد العمليات الجراحية يضعف لديهم نشاط القشرة الامامية من المخ. واعتقد العالمان ان اسلوباً تجريبياً غير مؤلم يسمى التحفيز المغناطيسي للجمجمة يمكن ان يساعدهم في السيطرة على الخوف.