انتشرت أخيرا في الولايات المتحدة وغيرها مناطق العالم أصناف جديدة من الأدوية المعالجة للسعال أو الكحة، وكذلك مضادات الاحتقان مما يكثر الطلب عليها في حالات نزلات البرد أو الأنفلونزا لدواعي طبية أحيناً وبحكم ما تعود الناس عليه في مثل هذه الحالات أحياناً كثيرة أخرى. وضمن ما يتم الحصول عليه دون وصفة طبية ظهرت بدل الحبوب أو الشراب أنواع جديدة من بخاخات الحلق والأشرطة سريعة الذوبان في الفم أسوة بما هو في معطرات ومنعشات الفم وكذلك على هيئة حلويات بأشكال غير ما أعتدنا عليه من حبوب المص الشائعة. وذكر الخبراء في هذا الأسبوع أن الزيادة في مبيعات أدوية الكحة التي على هيئة أشرطة سريعة الذوبان دون غيرها حققت مكاسب مادية للشركات المنتجة فاقت 23 مليون دولار في الولايات المتحدة فقط. اما مكونات الجديد من علاجات الكحة ومضادات الاحتقان فهي نفسها التي كانت توجد في سابقاتها اللهم إلا أن طريقة وهيئة تناولها تطورت تلبية للرغبات ولزيادة مفعولها عبر اختلاف الأثر النفسي في نظر المريض حينما يأخذ من جرعاتها.
هناك نوعان من شراب الكحة متوفر في الصيدليات أو غيرها مما لا يحتاج وصفة طبية للحصول عليه، وهو ما لا يعنى بحال التوسع في استخدامه دون داع طبي. النوع الأول هو مثبط أو كاتم الكحة والثاني هو الطارد أو قاشع البلغم.
مثبطات الكحة تعمل على قطع طريق القوس العصبي للمثير والمستجيب في عملية الكحة، وأهم المواد لذلك اليوم هي «دي إكس إم». وطاردات البلغم تعمل على جعل بنية الإفرازات المخاطية المكونة للبلغم أقل تماسكاً، وبالتالي أيسر خروجاً من أجزاء الجهاز التنفسي مع الكحة وأهم المواد لذلك مما يتوفر بلا وصفة طبية هو غيافينسين Guaifenesin وهاتان المادتان أيضاً توجدان مجتمعتين في بعض أنواع شراب الكحة، كما قد يوجدان معاً بالإضافة إلى المواد المخففة للألم والمواد المضادة للاحتقان أو ادوية الأنتيهستامين antihistamines وهذه المركبات قد تفيد البعض فيما لو كانت مجتمعة في شراب واحد، لكن كثيراً من الحالات في نزلات البرد التي يصحبها كحة أو سيلان الأنف أو العطس قد لا يكون من المناسب تجفيف قنوات الجهاز التنفسي لأنه سيجعل من الصعب على الإفرازات المخاطية أن تخرج من الجسم بسهولة مما يرهق المريض في محاولة إتمام ذلك.
ولعل السؤال الأهم هو هل من المستحسن علاج الكحة؟ والحقيقة أن غالب الحالات لا تستلزم بالضرورة تناول علاج للكحة، والتي تفيد فيها هي نزلات البرد المعتادة أو الانفلونزا، لكن الأنواع الأخرى كالتي تصاحب التدخين أو أمراض الصدر المزمنة أو التهابات الجهاز التنفسي السفلي، خاصة التهابات الشعب الهوائية المزمنة أو الربو المصحوب بالكحة فهذه كلها غالباً يجب عدم تناول شراب الكحة معها كما أكدته أخيرا رابطة أطباء الأسرة الأميركية. بل إنها أكدت أيضاً على ضرورة أخذ مشورة الطبيب قبل تناول شراب الكحة في حال وجود بلغم مع الكحة أو صفير في الصدر مع التنفس أو الكحة المزمنة، وكذلك في حال تناول الشراب لمدة أسبوع دون أي تحسن مع وجود صداع مستمر أو ارتفاع في درجة حرارة الجسم.
هناك مادتان من مضادات الاحتقان تتوفر احداهما في الأدوية التي تباع دون وصفة طبية، هما مادة زيدوإفدرين Pseudoephedrine و مادة فينايلفنرين phenylephrine كما تتوفر كذلك بخاخات الأنف المضادة للاحتقان والتي يجب عدم استخدامها أكثر من ثلاثة أيام حيث يبدأ الجسم في الاعتماد عليها، ولذا يلحظ من تناولها لفترة طويلة ثم التوقف عن ذلك انسدادا في الأنف! وتعمل هذه العلاجات على تضيق توسع الأوعية الدموية في بطانة الأنف الداخلية مما يقلل من تدفق الدم إليها وبالتالي يتمكن الهواء من المرور بشكل أفضل كما تقل فرصة تكون رشح السوائل وسيلان الأنف بالإفرازات المائية أو المخاطية. لذا تفيد في حالات نزلات البرد أو الانفلونزا أو التهابات الجيوب الأنفية والحساسية.
وربما لا تضر البعض بيد أن البعض الآخر من الناس ربما يواجه مشاكل عصبية ودوارا أو دوخة وكذلك اضطرابات في إيقاع النبض. كما أنها قد تتفاعل بشكل عكسي مع بعض الأدوية مثل أدوية الأعصاب والأنسولين وأدوية علاج الصرع أو الربو أو ارتفاع ضغط الدم. لذا فإن مرضى القلب أو ارتفاع ضغط الدم أو بعض أمراض الكلى أو من لديهم ماء أزرق في العين أو مرضى السكري أو تضخم البروستاتا هؤلاء كلهم عليهم أخذ جانب الحيطة باستشارة الطبيب قبل تناول مضادات الاحتقان.
ومن المهم دوماً الإطلاع على فقرات التحذير ضمن البيانات المرفقة بالأدوية وسؤال الطبيب لو أشكل على المرء أي منها.
تحذيرات من مواد ضارة في شراب الكحة > وكالة الغذاء والدواء الأميركية من ناحيتها كانت قد أصدرت تحذيرات في مايو الماضي حول سوء استخدام هذه العلاجات التي يمكن الحصول عليها دون وصفة طبية، خاصة منها ما يحتوي مادة ديكستروميثورفان dextromethorphan أو «دي إكس إم»، وهي إحدى المواد التي توجد في الشراب المثبط للكحة. وذكرت أنها أمنة ضمن ما هو موجود من كمية ضئيلة في هذا الشراب، لكن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلي الوفاة إضافة إلي تلف الدماغ ونوبات الصرع وفقدان الوعي واضطرابات إيقاع نبض القلب. كما ذكرت الوكالة حينها أنها تعمل جاهدة مع الهيئات الطبية الأخرى لتعريف الناس بمضار سوء تناولها، خاصة مع وفاة خمسة مراهقين ممن أفرطوا في تناول كبسولات من البودرة الصافية لمادة «دي إكس إم» حتى ذلك الوقت أي قبل خمسة أشهر تقريباً، وهي ما تباع في الشوارع ضمن سوق المخدرات.
هذه المادة دخلت أخيرا كبديل لمادة الكودايين المستخدمة بشكل واسع في علاجات الكحة منذ فترة طويلة، سواء الكبسولات أو الحبوب أو الشراب. كما أن المشكلة الأخرى هي مادة زيدو إفدرين pseudoephedrine التي تصنع بطريقة غير قانونية منها مادة ميثامفيتامينmethamphetamines التي يدمن عليها البعض. لذا تستبدل بعض الشركات مادة فينايلفيرين phenylephrine بها.