اعلم رحمك الله ان المغبون فى الدنيا الذي لا يقول : ساربح غدا ولا يهتدى من امره رشدا ، ولا يتجر لسلعته ابدا ، وصلاة اللليل من انفق اسواق الاخرة سوقا ، واكثر بضائعها حقوقا ، ووجب على العاقل ان ينظر الى نفسه ويأخذ منها بحظه ، فيفرح بهذا الليل اذا اقبل وطال ، ويحزن اذا تقلص وزال ، اذ هو موطن تنتعش فيه الارواح ، وتبتهج وترتاح ، وتتقلب بين مسرات وافراح ، وتكثر من المساءلة والالحاح ، فهى قائمة بين يدى خالقها ، عاكفة على مناجاة بارئها ، تتنسم من تلك النفحات ، وتقتبس من انوار تلك القربات فتارة تذكر هناتها ، وسالف زلتها ، وايام بطالتها ، فتجد وتجتهد وتعد وتستعد ، وترغب وتسأل ، وتتضرع وتتوسل
قال بعض الصالحين : " الدنيا حانوت المؤمنين ، والليل والنهار رءوس اموالهم ، وصالح الاعمال بضائهم ، وجنة الخلد ارباحهم ، ونار الابد خسرانهم
قام رجل من الصالحين يصلى من الليل ، فمر بقوله تعالى " وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض " فجعل يرددها ويبكى حتى الصباح ، فلما اصبح قيل له : لقد ابكتك اية ما مثلها يبكى ، انها جنة عريضة . فقال يا اخى وما ينفعنى من عرضها وان لم يكن لى فيها موضع قدم . وكان يدعو ويقول " اللهم ان فرارى من التار الى رحمتك بطئ ، فقرب رحمتك منى يا ارحم الراحمين ، وطلبى لجنتك ضعيف فقو ضعفى فى طاعتك يا اكرم المسئولين
قيام نبى الله داود عليه السلام
قال رسول الله صلى الله علية وسلم : " احب الصلاة الى الله صلاة داود ، واحب الصيام الى الله صيام داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ويصوم يما ويفطر يوما "
سأل داود عليه السلام جبريل فقال :" اى الليل افضل ؟ قال يا دواد ما ادرى الا ان العرش يهتز من السحر "
قال الحسن : لما اصاب داود الخطيئة خر سجدا اربعين ليلة فقيل له : يا داود ارفع راسك فقد عفوت عنك
قال تعالى :" اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادى الشكور "