إن الإحتفاظ بالموظفين الجيدين أصبح التحدي الأكبر الذي يواجه الشركات، قد تبدو منشأة العمل للناظر إليها من الخارج أن لا شيء يسيرها سوى المال، لكن الحقيقة مختلفة تماما.
وبناء على الاستقصاءات والأبحاث العملية ظهر أن هناك عدة عوامل تجعل الموظف يبقي ويستمر في عمله داخل شركة بعينها ليس من بينها عوامل ذات علاقة بالأمور المالية. ولقد أظهرت الدراسات كذلك أن الموظفين يمكثون في المنشأة التي تشعرهم بكينونتهم وبأن لهم فيها إسهامهم المقدر والداعم لمسيرتها، ولهم فيها أيضا العديد من الأصدقاء، ولكن العامل الأكثر أهمية في بقائهم توفر مدير يقوم بتسيير شئونهم بحكمة واقتدار وإنصاف.
وقد قررت كل الاستقصاءات والدراسات نتيجة ملفتة للنظر هي(عندما يتحرك الموظف تاركا العمل ومتوجها صوب جهة أخري فإنه في الحقيقة يترك المدير وليس المنشأة).
إذا لاحظت أن الموظفين ذوو الكفاءات ينسلون من الشركة فراقب المدير جيدا، فإذا كان المدير هو المكلف بالإدارة منذ إنشاء الشركة، فقد تكون هذه هي المشكلة، إن إدارة الشركة بنفس النمط ونفس طاقة التفكير ولفترة طويلة ستؤدي إلى الضجر في أوساط الموظفين، والذين يحاولون جاهدين معرفة إلى أين تقودهم أفكار المدير. في الواقع فإن الموظفين الموهوبين يحتاجون لمدير يقدر مواهبهم ويستطيع صهر إبداعاتهم في بوتقة العمل المثمر، إن الفترة التي يمكث فيها هؤلاء المبدعون مرهون بعلاقاتهم مع مديريهم ولكنها حتما ليست فترة مفتوحة، وعلى أصحاب العمل الذين يفقدون الموظفين الأكفاء والموهوبين ممن استثمروا فيهم من الزمن والتدريب ومراجعة ثقافة المدير التي يشيعها مدير شركتهم.
ومن استعراض العديد من الاستقصاءات وإجراء الاستبيان مع الموظفين، وجد العديد من الأسباب التي برأيهم تخلق بيئة عمل ملائمة، وأجملوها في العديد من المحاور منها:
1- أن يعرف الموظف ما هو متوقع منه بالتحديد.
2- أن يتوفر للموظف الوسائل والمعدات المساعدة والداعمة لإنجاز العمل.
3- أن يمنح الموظف الفرصة لأداء العمل الذي يجيده.
4- أن يشعر الموظف بوجود من يهتم به في العمل.
5- أن يلمس الموظف بأن أفكاره لها اعتبار في نظر مديره المباشر وإدارته العليا
ويتضح فيما سبق انه لا توجد علاقة مباشرة بالنواحي المالية، ولا يعني هذا إسقاط أهمية الأجور والمكافآت بالنسبة للموظفين فهي بالفعل مهمة، ولكن ما يهمهم بشكل أكبر الإحساس بكينونتهم الإبداعية القادرة على إحداث التمييز، وأن يجدوا التحفيز وأن يستوثقوا فعلا من أنهم قد أضافوا إضافة حقيقية في نمو الشركة.
هناك فرضية مؤكدة لكل مدير، إذا كان لديه موظفون أكفاء، فإنهم وبشكل مواز يستطيعون أن يجدوا عملا في مكان آخر، وهناك فرضية أخري مؤكدة أن هؤلاء الموظفين الأكفاء سوف لن يتركوا العمل لدى شركاتهم فيما لو حققوا الإحساس بالإنجاز والتمييز.
عندما يقيم المدير موظفيه عن طريق الاستماع الفعلي لأفكارهم وتشجيع مشاركتهم فإنهم (أي الموظفين) لن يهجروا بيئة العمل هذه مهما كان حجم الإغراءات. إن الإحتفاظ بالكفاءات هو مفتاح قلعة الإنتاجية والربحية. وإن بقاء الموظف في الشركة أو المؤسسة ليس سببه المال في كل الأحوال.