العاصفة على الشكل التالي:
س: باهتمام بالغ تتابع الجماهير الفلسطينية والعربية مختلف المحاولات والمشاريع التي تستهدف فرض تسوية سياسية على شعبنا. فما هو رأيكم في هذه المحاولات والمشاريع؟
ج: الحقيقة في نقطة هامة جداً نحن نضعها امام كل اخواننا. النقطة هذه بالنسبة للتسويات السلمية هي اننا لا نتعرف عليها وقد طرحناها في 1/1/1965، وطرحناها في 26/8/1967 لما اعدنا انطلاقة قواتنا مرة اخرى في الارض المحتلة.
نحن لا نعرف للتسويات السلمية الا معنى واحدا انها استسلام. لان معناها انه في الوضع الحالي هناك منتصر يريد ان يسجل مكاسب لانتصاره، ويريد ان يجبر شعبنا على ان يوقع صك الهزيمة.
فكيف يريدون الان وفي الوضع الحالي الامر الذي رفضناه بعد الهزيمة مباشرة؟ ان وضعنا الحالي بلا شك احسن آلاف المرات من وضعنا بعد الهزيمة، ومع هذا فانهم يريدون منا في هذا الوقت ان نوافق على اشياء لم نوافق عليها بعد الهزيمة مباشرة،فكيف هذا؟
والان الثورة الفلسطينية اصبحت ثورة قوية واقفة على اقدامها، وتسير بخطى ثابتة. كثير من ملامح هزيمة حزيران (يونيو) قد تلاشى. وبدأ يقف شعبنا العربي وقفة جديدة، بالنسبة لاي شيء يريدونه ويختص بعملية الاستسلام والتسوية السياسية، التي لا نؤمن بها.
ونحن عندما حملنا بنادقنا وخرجنا الى الجبال واعلناها ثورة في ارضنا المحتلة، نحن من تلك اللحظة آمنا بشيء واحد، ان الطريق الوحيد لتحرير هذه الارض انما هو طريق الكفاح المسلح الذي مادته تصميم شعبنا وارادته، ومادته بنادقنا، ومادته ايماننا الذي لا يتزعزع ان هذه الارض لنا ولا بد ان تعود. وهذه ليست اول مرة سينتصر فيها شعبنا على اعدائه. فقد جاء التتار واكتسحوا الخلافة العباسية، ثم جاءوا الى عين جالوت في ارضنا، في المنطقة ذاتها التي نحارب فيها اليوم الصهاينة، وهزموا في عين جالوت، وجاءت الصليبية واكتسحت المنطقة، ثم هزمت في حطين. والصهيونية ستهزم في هذا الوادي وفي هذه الارض. هذه قناعة.
هناك نقطة مهمة جدا يجب ان يعلمها الجميع اننا كحركة تحرير، كثورة تحرير، لا نقاتل من اجل تسويات سلمية او من اجل كسب موقع سياسي، وانما نحن نحارب من اجل تحرير هذه الارض جميعها.
س: هل يعني هذا اخ "ابو عمار" ان الكفاح يتجاوز الاراضي المحتلة بعد نكسة حزيران "يونيو"
جـ: ثورتنا كانت قبل 5حزيران "يونيو" و5 حزيران "يونيو" حدث طارىء زاد في مسؤوليتنا والتبعات الملقاة على اعناقنا وعلى اكتافنا. اننا حركة وثورة تحرير الارض بكاملها، وكل شبر فيها.
س- هل هذا هو منطلق نظرة "فتح" في رفضها لمشروع يارينغ ولكل الوسطاء؟
جـ- لا شك فنحن اصلا لا نتعرف على يارينغ، او غير يارينغ نحن نتعرف على شيء واحد بلادنا نريد استرجاعها، والطريق الوحيد هو هذه البندقية فاما ان ننتصر واما ان نستشهد، وكلاهما نحن نرحب به.(4)
وقد قامت جريدة فتح بنشر وثائق مبادرة روجرز السرية تحت عنوان وثائق الحل الاستسلامي. وجاء في المقدمة التي سبقت النصوص ما يعبر عن الرفض لهذه المبادرة مؤكدة "ان فتح اذ تقدم هذه الوثائق للجماهير العربية لواثقة بان الجماهير لن تسمح لاحد بالتلاعب بمصيرها. وان علم الثورة سيظل خفاقا حتى يرتفع فوق كل شبر من ارض فلسطين. وان هذه الجماهير لا يمكن ان تسمح لصك الصهيونية هذا ان يمر على جثة آخر ثائر عربي.(5)
وقد اصدرت اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية بيانا حددت فيه موقفها الرافض لمشروع روجرز لتسوية ازمة الشرق الاوسط جاء فيه:-
يا جماهير شعبنا المناضل،
كان الهدف الاستعماري- الصهيوني من قيام دولة اسرائيل هو اقامة قاعدة بشرية استعمارية ثابتة ودائمة في قلب الوطن العربي تمنع منعا ماديا وحدة الامة العربية وتقدمها وتطورها وتضمن وتحمي المصالح الاستعمارية في الوطن العربي.
وفي مقابل هذا، كان وما يزال هدف الجماهير الفلسطينية خصوصا، والعربية عموما، منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين، هو رد الغزوة الصهيونية الاستعمارية، ومنع قيام الدولة اليهودية وتحرير فلسطين، باعتبارها اقليما عربيا وجزءا لا يتجزء من الوطن العربي، ولهذا الغرض وقعت انتفاضات وثورات الشعب العربي الفلسطيني عبر عهد الانتداب، وقدمت الجماهير الفلسطينية اغلى التضحيات المادية وعشرات الآلاف من الشهداء، الى ان دفع الاستعمار البريطاني الحكومات العربية الى اجهاض اكبر الثورات الفلسطينية قبل قيام دولة اسرائيل، والى التقاء التآمر الاستعماري والصهيوني مع الحكومات العربية في سنة 1948 في مهزلة الحرب الفلسطينية الاولى حيث دخلت الجيوش العربية، لا لكي تمنع قيام الدولة الصهيونية في فلسطين، وانما لتحمي قيامها بمنع الشعب الفلسطيني وكل الجماهير العربية من حمل السلاح للدفاع عن تراب الوطن.
ومنذ قيام دولة اسرائيل والامة العربية تبذل بسخاء على حساب غذائها وكسائها لبناء الجيوش العربية، بهدف تحرير فلسطين، غير ان انظمة الحكم العربية كانت، وهي تتظاهر برفع شعارات التحرير تحول ايضا دون الشعب الفلسطيني وكل الجماهير العربية في المشاركة الحقيقية في المعركة ضد الصهيونية المرتبطة ارتباطا عضويا بالامبريالية العالمية، وعلى رأسها اميركا وبريطانيا والمانيا الغربية، الى ان وقعت هزيمة الجيوش العربية في الخامس من حزيران (يونيو) سنة 1967. وليصبح واضحاً وجلياً ان مجابهة الغزو الصهيوني والامبريالي للوطن العربي المبتدىء في اغتصاب فلسطين تتطلب المشاركة الجماهيرية الواسعة في التصدي للعدوان القديم والجديد ودحره، ومن هنا كان منطلق العمل الفدائي الفلسطيني والتفاف الجماهير الفلسطينية والعربية حوله عن طريق تطويره الى حرب تحرير شعبية تشارك فيها كل الجماهير العربية.
غير ان معظم الاوضاع العربية الرسمية لم تستجب استجابة حقيقية وجادة لمطلب الجماهير العربية. والتقت الحكومات العربية بعد الهزيمة في الخرطوم حيث خرجت بمجموعة من المقررات تنطوي في مفهومها الاساسي على التنازل نهائيا عن هدف تحرير فلسطين، تحت شعار ما يسمى باسلوب العمل السياسي، لازالة اثار العدوان الصهيوني في عام 1967. متجاهلة ازالة اثار العدوان الصهيوني في سنة 1948 ومحاولة الاختفاء حول ستار تضليلي باسم ما وضعته من المقررات لا مفاوضات مع اسرائيل ولا اعتراف بها ولا صلح معها ولا مساس بالقضية الفلسطينية، ليتم بعد ذلك الموافقة على قرار مجلس الامن الصادر في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1967. الذي يصفي القضية الفلسطينية وينطوي على الاعتراف باسرائيل، وللانتقال الى المزيد من التنازلات بالموافقة على ما يسمى المبادرة الاميركية، التي تضمنها خطاب روجرز وزير الخارجية الاميركية الى وزراء خارجية الجمهورية العربية المتحدة والمملكة الاردنية الهاشمية واسرائيل.
ان مشروع روجرز يتضمن ويفترض ما يلي:-
اولاً:- تعيين ممثل لكل دولة للتفاوض تحت اشراف الدكتور يارينغ لتنفيذ قرار مجلس الامن الصادر بتاريخ 22 تشرين الثاني (يونيو) سنة 1967.
ثانياً:- الاعتراف باسرائيل.
ثالثاً:- الانسحاب الاسرائيلي من اراض احتلت خلال حرب حزيران >يونيو<.
رابعاً:- اعادة وقف اطلاق النار لمدة ثلاثة اشهر على الاقل.
هذا على اساس ان توقع الاردن، والجمهورية العربية المتحدة، واسرائيل على الوثيقة التي يقدمها يارينغ الى يوثانت متضمنة تفاصيل القواعد السابقة قبل البدء في المفاوضات.
ان المفاوضات مع اسرائيل لتنفيذ قرار مجلس الامن والاعتراف بها يعني فضلا عن التراجع عن الالتزام العربي بعدم التفاوض مع اسرائيل، التنازل نهائيا عن حق الشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين، ويعني الانسحاب من اراض احتلت خلال حرب حزيران >يونيو<الانسحاب الاسرائيلي الكامل، اي عدم الانسحاب بشكل خاص من القدس والجولان واجزاء عربية اخرى. واما اعادة وقف اطلاق النار فانه يعني حظر نشاط العمل الفدائي وتبعا لذلك الاصطدام مع حركة المقاومة الفلسطينية. ويؤيد هذا الاستنتاج الموقف الاسرائيلي الاميركي والمشاريع التي سبق وقدمتها اميركا في السابق التي تحدد المفهوم الاميركي للسلام الدائم والعادل في المنطقة.
ومن الواضح ان المشروع الاميركي هو في حقيقته حالة مؤامرة خبيثة جدا تهدف الى تمزيق وحدة الصف العربي والى تفتيت الجبهة الداخلية العربية كما تهدف الى ضرب وتصفية حركة المقاومة الفلسطينية خصوصا وحركة التحرر العربية عموما، فالمشروع الاميركي اذ يحقق لاسرائيل مكاسب ضخمة ليس فقط قبل ان يحقق اي مكسب للعرب وانما تأتي المكاسب الاسرائيلية مقترنة مع الخسارة الفادحة للامة العربية.
ان اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية الناطقة باسم الشعب العربي الفلسطيني والمعبرة عن اهداف نضاله، تعلن عن رفض الشعب الفلسطيني لقرار مجلس الامن وكل صيغ واشكال تنفيذه ومنها مشروع روجرز، وتؤكد انه لا يجوز لاي جهة عربية او اجنبية ان تلغي وجود الشعب الفلسطيني وتتنازل عن وطنه للصهيونية وللاستعمار وتكون عاملا في تصفيته وطنا وشعبا تصفية شاملة ونهائية.
ان الشعب الفلسطيني الذي حمل السلاح لتحرير وطنه والعودة اليه وممارسة حق تقرير مصيره فيه لن يلقي السلاح وسوف يواصل الكفاح المسلح حتى التحرير الشامل، ولن يلتزم بوقف اطلاق النار وان الجماهير العربية الملتفة حول حركة المقاومة الفلسطينية مدعوة لان تزيد من دعمها وتأييدها لحركة المقاومة الفلسطينية والمشاركة فيها لاحباط كافة المؤامرات الامبريالية والصهيونية وقوى الثورة المضادة ضد الوطن العربي والامة العربية وفي مقدمتها كافة مشاريع تصفية العمل الفدائي والقضية الفلسطينية.
ان الحركة الوطنية العربية موضوعة الآن امام مسؤولياتها التاريخية لتثبت انها قادرة على قيادة الجماهير وقيادة مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي من خلال تحملها مسؤولياتها في هذه المرحلة الخطرة التي تواجه شعبنا.
ان الجماهير العربية التي قاتلت الاستعمار وحققت الكثير من الانتصارات العظيمة مطالبة اليوم بتثبيت هذا الاستقلال ورفض الخضوع للارادة الامبريالية والصهيونية، والتحرك السريع والفعال من اجل منع التآمر الامبريالي والصهيوني الخطير ضد القضية الفلسطينية. لقد آن للجماهير العربية ان تأخذ دورها الفعال في مواجهة معركة المصير وفرض ارادتها في الصمود والتحرير.
وان المؤامرة الحالية انما هي مؤامرة على مصير هذه الجماهير وحقها في الحياة والحرية، فلتتحد صفوف الجماهير العربية الفلسطينية لاحباط مؤامرة التصفية، ولتعلن الجماهير ارادتها الحاسمة بكل وسيلة وبمنتهى القوة.
وان الثورة الفلسطينية تعاهد الجماهير العربية على ان تستمر في النضال حتى النصر والتحرير.
عاشت الثورة الفلسطينية.
عاشت حرب التحرير الشعبية.
ولتسقط كل الحلول التصفوية والاستسلامية.(6)
كانت الجماهير الفلسطينية والاردنية الغاضبة من قبول مبادرة روجرز والرافضة لها تعبر عن ذلك الرفض بوسائل واساليب مختلفة، وقد وصلت بعض هذه الاساليب الى مهاجمة الرئيس عبد الناصر شخصيا مما حمل السلطات المصرية على اغلاق صوت العاصفة وصوت فلسطين اللتين تبثان من القاهرة، وقد حرص الاخ ابو عمار على المحافظة على حبل الود مع مصر وعبد الناصر وهو يدرك ان اي خلاف او اختلاف جدي سيخدم الاعداء والمتآمرين، وكان الاجتماع الجماهيري الحاشد يوم 13/7/1970. حيث تقرر ان يلقي الاخ ابو عمار كلمة تحدد موقف الحركة والثورة من مبادرة روجرز، وقد جاء خطاب الاخ ابو عمار الموجز جدا يحمل في طياته الكثير من الصبر ومن الحكمة التي تدرأ المفاسد وتعمل على اتقاء الفتنة حيث اكد على الثابت الاساسي الذي تمثله الثورة طليعة الامة العربية في معركة تحرير فلسطين والتي لها واجب هو الصمود وفي الممر الموحش في انتظار الصحوة الكبرى للامة العربية، وفيما يلي نص ذلك الخطاب القصير ذي الاثر الكبير:-
ايها الاخوة،
(يحكي التاريخ انه عندما قام الفرس بمحاولة احتلال ارض اليونان حيث كانت اليونان اكثر من دولة واكثر من دويلة، وتقدمت جيوش الفرس ولم يكن هناك في تلك البلاد الا جيوش اسبارطة التي كان معولا عليها ان تقاوم الغزاة الفرس، واجتمع مجلس الشيوخ الاسبارطي ليقرر تسيير جيوش اسبارطة لتحاول ان توقف الزحف الفارسي نحو ارض اليونان، ولكن مجلس الشيوخ ولكن مجلس الحكام لم يقرر الزحف ولم يعط الاوامر لجيوش اسبارطة لتحمي ارض اليونان، وعند ذلك تقدم الحرس الامبراطوري وقال لمجلس الشيوخ، وقال لمجلس الحكام انكم تستطيعون ان تعطوا امرا لهذه الجيوش، ولكنكم لا تستطيعون ان تعطوا امرا لاول قوة فدائية في اليونان، وعند ذلك تقدم الحرس الامبراطوري ليقاتل في ممر (مراثون) ويقاتل ويقاتل ويستشهد في هذا الممر دفاعا عن ارض اليونان حتى تحركت الجيوش في اتجاه هذه المعركة وخاض معركة الحياة او الموت، والآن تخوض الثورة الفلسطينية هذه المعركة كما خاضتها منذ اول انطلاقتها في عام 1965 عندما قالت ان هدفنا الاساسي هو تحرير الارض من البحر الى النهر ومن الناقورة الى العقبة.
يا شعبنا، يا شعب الثورة الفلسطينية نحن غير معنيين بما حدث في حزيران (يونيو) ولا بازالة اثار العدوان (يونيو) ولكن الثورة الفلسطينية معنية باجتثاث الكيان الصهيوني من ارضنا ومن ارض اجدادنا وتحررها لتعود عربية كما كانت.
سنخوض المعركة بكل قواتنا ومعنا يد قوية، ويد كل الجماهير العربية من المحيط الهادر الى الخليج الثائر، ومعنا الامة العربية جمعاء، ومعنا ارادة الشعب التي تصنع التاريخ.(7)