من " تغلب " - إحدى قبائل العرب الكبرى - انبثقت دولة بني حمدان ، جاعلة من الموصل - أول الأمر - عاصمة لها .. وكان ذلك سنة 317هـ (929م) على يد زعيم الدولة حمدان بن حمدون .
كان على هذه الدولة الناشئة أن تلعب دورا مصيريا في عدة جبهات :
في محاولة تضميد جروح الدولة العباسية من الطعنات المتتالية من الأتراك الذين استبدوا بها، وحولوا خلفاءها إلى دمى للتسلية واللهو .. وأيضا من الطعنات الانفصالية التي تصيب الدولة من كل صوب .
في مقاومة الغارات البيزنطية التي يقودها الإمبراطور الروماني ( شميشق) رغبة في الاستيلاء على بيت المقدس، وفي مقاومة الإمبراطور البيزنطي " نقفور فوقاس " الذي حاول بكل قوته السيطرة على حلب والثغور المتاخمة لحدود الدولة الرومانية .
في مقاومة الحركة الانفصالية التي تحكم مصر الإخشيدية ، وتريد فرض سيطرة كاملة على مصر وبلاد الشام والحجاز ، وتناوئ بالتالي أية حركة انفصالية أخرى تحاول بناء نفسها على حسابها .
لقد نجح الحسن بن عبد الله الحمداني في أن يشل نفوذ الترك . وأن ينقذ الخليفة العباسي المتقي بالله من استبداد الأتراك به ، وقد رضي الخليفة العباسي عن صنيعه ومنحه لقب أمير الأمراء ومنح أخاه المرافق له لقب " سيف الدولة " لكنهما سرعان ما هزما أمام الأتراك وخرجا من بغداد عائدين إلى عاصمتهما الموصل .. سنة 331هـ " 942م " . ولما تولى سيف الدولة - وكان شجاعا كريما - قام بعدة غارات لصد البيزنطيين ، ونجح في أن يطردهم من المناطق التي تسللوا إليها ، وواصل زحفه حتى دخل بلادهم واستولى على بعض حصونهم .. والمهم، زرع هيبته في نفوسهم .. وجدد شباب الإرادة القتالية ، ولم تستطع بيزنطة أن تمد نفوذها إلى بلاد الشام وفلسطين .
وفي الجانب الإخشيدي استمر الحمدانيون في مقاتلتهم تتبع نفوذهم ، لكنهم أيام سيف الدولة خسروا أمامهم معركة في قنسرين .. وانتهى الأمر بصلح وضع حدود الصراع المستمر بين جبهتيهما .
كانت هذه هي التحديات التي واجهتها دولة الحمدانيين .. وقد نجحت الدولة في بعضها وأخفقت في أكثرها ، ولقد بدا سيف الدولة الحمداني .. وكأنه الرجل الوحيد الممثل لهذه الدولة .