المشكلـــــــــــــة
السلام عليكم.. أنا فتاة عمري 20 عاما، وقد تعرفت على شاب عمره 29 سنة على النت بعدما أعطيته إميلي في موقع خاص بالزواج ولم أثق فيه إلا بعد أن قرأت بياناته ووجدت أنه يستحق الثقة فعلا، وقد قال في بياناته الشخصية إنه يريد الزواج بامرأتين، ولكنني لم أستسغ الفكرة بداية، ولكنه استطاع أن يقنعني بذلك فوافقت على الزواج به.
ثم بدأنا سلسلة من الحوارات الكتابية أي بغير استخدام المايك، وأشهد الله أنه كان فيها ملتزما بحدود الأدب والحياء معي ولم يتجاوزها قيد شعرة؛ وهو ما زاد من تعلقي به وميل قلبي إليه حيث إنني لم تكن لي علاقات عاطفية من قبل نظرا للبيئة المحافظة التي نشأت فيها. كان كل لقاء بيننا على النت يزيد من تعلقي به وحلمي بأنه فارس أحلامي المنتظر، وكان يسلب لبي بأدبه الجم ولباقته في الحديث التي يصعب -إن لم أقل يستحيل- وجود مثلها في هذه الأيام، فكنت لا أتصوره زوجا فقط بل أبا لأولادي وجدا لأحفادي.. وعلى الرغم من تطور علاقتنا فإنه حافظ على أدبه ولم تصدر منه أي أخطاء أخلاقية؛ لدرجة أنه لم يطلب مني أن يراني عبر الكاميرا إلا مرة واحدة فقط طوال مدة التعارف بيننا التي استمرت لأكثر من 3 أسابيع، ولم نر بعضنا في الواقع ولو لمرة واحدة؛ فهو كما قال لي لا يريد أن يقدم على تلك الخطوة إلا بعد أن يقرر الخطبة، وكذلك على الرغم من أنه يملك رقم هاتفي فإنه لم يتصل بي ولو لمرة واحدة يكلمني فيها ليسمعني صوته.
حتى الآن كل ما ذكرته جميل.. ولكن المشكلة هي أنه فاجأني مؤخرا بأنه لن يتقدم لخطبتي، ولما سألته عن السبب قال لي إنه وجد فتاة أخرى تناسبه أكثر مني، قبلت هي أيضا شروطه ووافقت على العيش معه ولو تزوج امرأة أخرى.
أنا لا أذكر أي خطأ ارتكبته في حقه لكي يفعل بي هذا.. وفي الحقيقة لقد غضبت جدا من فعلته هذه، ولكنني على الرغم من ذلك أحس أنني فقدت إنسانا من الصعب جدا إيجاد مثله، وعندما أتذكر الحوارات التي كانت تدور بيننا أحس بسعادة غامرة ثم ما ألبث أن اكتئب عندما أتذكر أنه لم يعد هناك أملٌ يُنتظر.
إنني أحس كما لو أنني برمجت نفسي على عدم القدرة على العيش من دونه.. وفي بعض الأحيان أحس أنه تلاعب بعواطفي وتركني أتعلق به حتى إذا أحس بتعلقي به تركني إلى فتاة أخرى، وبصراحة فإنه لم يدر بيننا أي كلام عاطفي ولكنني تعلقت به لهذا السبب بالذات لأن شباب هذه الأيام لا يهمهم في الغالب إلا الغرائز وما يتعلق بها وقد تعجبت من مدى تحكمه في نفسه إلى هذه الدرجة.
أخبرت أمي عن هذا الشاب وأعجبها كثيرا بعدما وصفت لها "طيبوبته" وأدبه، ولكنني لم أخبرها بأنه يريد التعدد لأنها سترفض إطلاقا وقلت لن أقول لها حتى نتزوج ويكون الأمر متعلقا بنا نحن فقط.
وقد كان يسألني عن أمور تفصيلية؛ لأنه لا يريد تكرار تجربة الطلاق وكان يعبر لي عن رضاه بإجاباتي وأنها هي ما كان يبحث عنه.
فلماذا تركني إذن، وفي النهاية صارحني بأنه كان يحادث في نفس الوقت فتاة أخرى من مدينة أخرى واختارها هي زوجة له وتركني أنا... بماذا تنصحونني الآن؟ وهل ما فعله هذا الشاب الذي بالرغم من ذلك ما أزال متعلقة به صحيح؟ ولماذا لم يخبرني أنه على اتصال مع فتاة أخرى؟ ألا يعد هذا خداعا؟؟.
الحــــــــــــــــل
طبعًا آنستي هو خداع، ولكن قبل أن نتحدث عن وصولك إلى شخص يفعل هذا تعالي نتحدث عن الأسباب والمقدمات.
بداية نحن نستخدم التكنولوجيا، وكأننا اشترينا جهازًا كهربائيًّا جديدًا، مثل الفيديو أو "الإم بى ثري" أو غيره دون أن نقرأ تعليمات استخدام الجهاز، والحقيقة أن الإنترنت ليس معه إرشادات للاستخدام، ولكن هنا على الإنترنت يوجد كم كبير جدا من المقالات والمدونات والاستشارات النفسية التي تتناول مضار النت وفوائده.
بالرغم من مميزات النت التي لا حصر لها فإن له عيوبًا فظيعة، من أهمها ما وقعت أنت فيه، فحين نتعرف على شخص عبر الإنترنت فإننا لا نعرف عنه سوى ما يحكيه عن نفسه، والحقيقة أن كثيرًا من الناس يرون في أنفسهم إيجابيات لا يراها الآخرون، كما أن طريقة عرضنا وتعريف الآخرين بنا قد تكون جميلة وجذابة ونكون في الواقع ليس في أسلوب حديثنا أي جمال، فقد تقرئين شعرًا تهيمين به، وتقولين يا له من شاعر شاب، وحين ترينه في الواقع لا تصدقين أن هذا الشخص يمكن أن تكون به أي حسنة!!.
والعكس صحيح فقد نجد شخصًا ما (محاضرًا أو... ) حسن المظهر يتحدث بلباقة وفي كلامه ما يشبه السحر، ولكنه في الواقع كذّاب ومنافق وكل ما يقوله غير صحيح، إن التواصل عبر الإنترنت لا يمكننا إلا من التعرف على 7% من الطرف الآخر؛ فالكتابة وحدها تعطي صورة ناقصة، وما يحدث هو أن كلا منا يكمل الصورة في خياله كما فعلت أنت فأكملت صورته على أنه ملاك.. فكثيرا ما يعجب الشاب بفتاة شقراء جميلة وبمجرد أن تتكلم يرغب في أن يجري بسرعة وأن يجد من ينقذه منها.
أنت تعتقدين أنه ملتزم بالأدب والأخلاق، كما تتصورين أن به سمات يندر أن توجد في البشر، ويتبدى ذلك في قولك: (وكان يسلب لبي بأدبه الجم، ولباقته في الحديث التي يصعب -إن لم أقل يستحيل- وجود مثلها في هذه الأيام، فكنت لا أتصوره زوجا فقط، بل أبا لأولادي وجدا لأحفادي)، ما تقولينه صحيح فلباقته في الحديث -أو لنقل الكتابة- يندر أو يستحيل وجودها على أرض الواقع، ولكن يسهل وجودها على أرض الخيال، ويكثر وجودها على الإنترنت.
من عيوب الإنترنت أن كلا منا يمكن أن يختبئ، ولا يظهر ذاته الحقيقية.. فالأنثى يمكن أن تتحدث معك على أنها ذكر، ومن يعيش في بلد عربي يمكن أن يقول إنه يعيش في إنجلترا أو أمريكا.. وفي دراسة على مجموعة كبيرة من الشباب من المجتمع العربي قال معظمهم إنهم يعطون معلومات خاطئة عن أنفسهم عند الحديث عبر الإنترنت!.
وإذا افترضنا أن هذا الشخص لم يعطِكِ معلومات خاطئة عنه، فإنه كذب عليك بإخفائه معلومات مهمة يمكن أن تؤثر عليك وعلى علاقتكما، وأهمها أنه يتحدث مع غيرك ويفاضل بينكما، والله أعلم إن كان يتحدث مع عدد أكبر من هذا وهل ينوي الزواج بالفعل من الفتاة الأخرى أم لا.
آنستي.. الحمد لله أن التعارف بينكم لم يزد عن ثلاثة أسابيع وأنه أخبرك أنه سيتزوج بغيرك بدلاً من أن يستمر في الحوار معك، ويحتفظ بك خشية ألا تنجح خطبته لها، ثم أن هناك عوامل أخرى لا تشير إلى وجود اتفاق بينكما، وظهر منها أنه تزوج وطلق من قبل، وأنه ينوي الزواج باثنتين في نفس الوقت، فمن أدراك أن هذه العوامل وغيرها ستسهم في نجاح الزواج؟!.
لا أناقش هنا هل من حق الرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، ولكن هل أنت ستكون حياتك بتلك السعادة التي تتخيلينها؟ وهل ستشعرين أنه لا يزال فارس الأحلام مع هذه الظروف؟.