وذكر ابن كثير في تفسيره: إن الله أباح له التسري مما أخذ من المغانم.
وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما وملك مارية القبطية أم ابنه إبراهيم وكانت من السراري رضي الله عنها (2).
قال صاحب الميزان: (والثالث والرابع) ما في قوله (وبنات عمك (*) (1) سورة الأحزاب آيات 50 - 52.
(2) تفسير ابن كثير 399 / 3.
وبنات عماتك) قيل: يعني نساء قريش (والخامس والسادس) ما في قوله (وبنات خالك وبنات خالاتك) قيل: يعني نساء بني زهرة.
وقوله (اللاتي هاجرن معك) قال في المجمع: هذا إنما كان قبل تحليل غير المهاجرات ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل.
(والسابع) ما في قوله تعالى (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنيي إن أراد النبي أن يستنكحها) وهي المرأة المسلمة التي بذلت نفسها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
بمعنى: إن ترضى أن يتزوج بها من غير صداق ومهر.
فإن الله أحلها له إن
أراد أن يستنكحها.
وقوله تعالى (خالصة لك من دون المؤمنين) إيذانا " بأن هذا الحكم.
أي حلية المرأة للرجل ببذل النفس، من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم لا يجرى في المؤمنين.
وقوله تعالى بعده (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم " تقرير لحكم الإختصاص وقوله تعالى (لكيلا يكون عليك حرج) تعليل لقوله في صدر الآية (إنا حللنا لك) أو لما في ذيلها من حكم الإختصاص.
وذكر ابن كثير: قال قتادة في قوله (خالصة لك من دون المؤمنين) ليس لأمرأة تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم (1).
وقال صاحب الميزان: وقوله تعالى (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء) بالسياق يدل على أن المراد به أنه صلى الله عليه وآله وسلم على خيرة من قبول من وهبت نفسها له أو رده.
وقال ابن كثير: إن المراد بقوله (ترجي) أي تؤخر في (من تشاء منهن) أي من الواهبات (وتؤوي إليك من تشاء) أي من شئت قبلتها ومن شئت رددتها (2).
وقال صاحب الميزان: وقوله تعالى (ومن إبتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) أي: ومن طلبتها من اللاتي عزلتها ولم تقبلها.
فلا إثم عليك ولا لوم.
أي: يجوز لك أن تضم إليك من عزلتها ورددتها من النساء اللاتي وهبن أنفسهن لك بعد العزل والرد، ويمكن أن يكون إشارة
إلى أن له صلى الله عليه وآله وسلم أن يقسم بين نسائه.
وأن يترك القسم فيؤخر من يشاء منهن ويقدم من يشاء.
ويعزل بعضهن من القسم.
فلا يقسم لها أو يبتغيها فيقسم لها بعد العزل.
وهو أفقه لقوله بعده (ذلك أدنى أن تقر أعينهن..) الآية وذلك لسرور المتقدمة بما قسمت له.
ورجاء المتأخرة أن تتقدم بعد وذكر ابن كثير في معنى الآية (ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن) أي: إذا علمن أن الله قد وضع عنك الحرج في القسم فإن شئت قسمت وإن شنت لم تقسم.
لا جناح عليك في أي ذلك فعلت.
ثم مع هذا أن تقسم لهن إختيار منك لا أنه على سبيل الوجوب.
فرحن بذلك واستبشرن به وحملن جميلتك في ذلك.
وأعترفن بمنتك عليهن في قسمك لهن وإنصافك لهن وعدلك فيهن (1).
وقال صاحب الميزان: وقوله تعالى (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك) ظاهر الآية لو فرضت مستقلة في نفسها غير متصلة بما قبلها: تحريم النساء له صلى الله عليه وآله وسلم إلا من خير هن فإخترن الله.
ونفي التبدل بهن يؤيد ذلك.
لكن لو فرضت متصلة بما قبلها وهو قوله تعالى (إنا أحللنا لك) الآية.
كان مدلولها تحريم ما عدا المعدودات.
وفي بعض الروايات عن بعض أئمة أهل البيت إن المراد بالآية: محرمات النساء المعدودة في قوله تعالى من سورة النساء آية 23 (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) الآية، وقوله تعالى (ولا أن تبدل بهن من أزواج) أي: أن تطلق بعضهن
وتزوج مكانها من غيرهن، وقوله (إلا ما ملكت يمينك) يعني: الإماء.
وهو استثناء من قوله في صدد الآية (لا يحل لك النساء) (1).
وذكر ابن كثير في تفسيره: (لا يحل لك النساء من بعدا أي من بعد ما ذكرنا لك من صفة النساء اللاتي أحللنا لك من نسائك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك.
وبنات العم وبنات العمات وبنات الخال وبنات الخالات والواهبة.
وما سوى ذلك من أصناف النساء فلا يحل لك.
وهذا مروى عن أبي بن كعب ومجاهد.
وروي عن رجل من الأنصار قال.
قلت لأبي بن كعب: أرأيت لو أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم توفين، أما كان له أن يتزوج ؟ فقال: وما يمنعه من ذلك ؟ قال: قلت: قول الله تعالى (لا يحل لك النساء من بعد) فقال: إنما أحل له ضربا " من النساء.
فقال تعالى (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك) إلى قوله تعالى (إن وهبت نفسها للنبي) ثم قيل له (لا يحل لك النساء من بعد).
وروى ابن كثير عن أبي النضر عن أم سلمة أنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء (2) إلا ذات محرم) (3)، وذكر ابن كثير لدى قوله تعالى (ولا أن تبدل بهن من أزواج) قال: نهاه عن الزيادة عليهن إن طلق واحدة منهن وإستبدال غيرها بها، إلا ما ملكت يمينه (4).
مما سبق يعلم الباحث المتدبر.
أن الأمر لله.
أحل سبحانه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينكح ما شاء من أصناف النساء الوارد ذكرهن في الآية.
وأحل له أن ينكح بغير مهر وهي الهبة ولا تحل الهبة إلا
لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أما غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يصلح نكاح إلا بمهر، وكان تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعدد ترى حكمته عند النظر في حركة الدعوة.
ويتأمل حركة المجتمع وحياة القبائل في عهد البعثة.
نجد إن المخاطر قد أحاطت بالدعوة من كل إتجاه.
وكان على الداعي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأخذ بالأسباب لدفع لهذه العقبات.
ولقد إختلفوا في عدد زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قال البعض: تزوج بخمس وعشرين امرأة وخطب خمس وعشرين.
وقال البعض: تزوج خمس وعشرين امرأة.
وكان في ملك يمينه إحدى وعشرين أمرأة.
وقال البعض: تزوج بخمس عشرة امرأة وقال البعض الآخر: تزوج بثلاث عشرة إمرأة غير ما كان في ملك يمينه.
وهذا الاختلاف يعود أصله لعدم التدبر في السيرة وفي الأحاديث وفي حركة الدعوة عموما ".
وعلى أكتاف اللاعلم واللاتدبر واللابصيرة صعد أعداء الدين واعترضوا على الإسلام بهذا وبغيره بعد أن أضافوا إلى ما تلقفوه إضافات جعلته أكثر تشوها ".
ومما لا يخفى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر برواية الحديث.
لأنه يوضح متشابه القرآن ويبين مجمله ويخصص عامه ويفيد مطلقه.
ويخبر بما يستقبل الناس من أحداث لكي يأخذوا بأسباب الحياة الكريمة.
ومما لا يخفى أيضا " أن رواية الحديث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تسر المسار الطبيعي.
ففي مرحلة ثم التضييق على
الرواية وفي مرحلة منع الناس من تدوين العلم وردعوا عن جمع السنن والآثار وربما حظر عليهم الحديث عن رسول الله مطلقا ".
وحبس أعلام الصحابة في المدينة لكيلا يذيعوا الأحاديث في الآفاق (1).