عدد الرسائل : 83 العمر : 35 البلد : مصر تاريخ التسجيل : 05/09/2007
موضوع: الجمع بين المنطق القضائي والمنهج القانوني الأربعاء يناير 23, 2008 3:53 pm
الجمع بين المنطق القضائي والمنهج القانوني في الرقابة علي حسن تطبيق القانون
وماكانت أسباب العدل وعلم القانون لتجتمع في قضاء محكمة النقض لو لم تستخدم كلا من المنطق القضائي والمنهج القانوني السليم أسلوبا لتفكيرها، للوصول الي الحل القضائي السليم. فاستطاعت المحكمة أن تشق طريقها في مراقبة منطق الاستخلاص الموضوعي للقاضي في مقام الرقابة علي حسن تطبيق القانون. وقد اتخذت المنطق القضائي أداة لمراقبة مدي حسن تطبيق القانون، تأسيسا علي أنه لايمكن لمحكمة النقض أن تضمن وحدة كلمة القانون في أحكام القضاء ما لم تضمن في الوقت ذاته سلامة المنطق القضائي الذي ينبني عليه استخلاص الواقع. فالمنطق المعوج في استخلاص واقع الدعوي يقود إلي تطبيق معوج للقانون، لأن التحكم في الواقع لابد أن يسفر عن خطأ في القانون. وقد استطاعت محكمة النقض وضع قواعد للمنطق القضائي في مجال رقابتها علي تسبب الأحكام، بما يسمح بضمان سلامة هذا المنطق كخطوة لازمة نحو وحدة القضاء في حسن تطبيق القانون. وتجلي ذلك واضحا في كثير من أحكامها التي تتحدث إما عن سلطة المحكمة في استخلاص الدليل بطريق الإستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، أو عن حق المحكمة في استنباط الحقيقة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية طالما اتفق ذلك مع العقل والمنطق. ومن خلال هذه القواعد التي أقامتها محكمة النقض حددت المحكمة عيوب التسبب التي كشفت عن اعوجاج منطق الحكم، فاستجلت عيوب القصور في البيان والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد في مقام رقابتها علي منطق المحكمة في تحديد الواقع أو استخلاصه. وتجلت قيمة رقابة محكمة النقض علي محكمة الموضوع بشأن الواقع في نقضها للأحكام إذا كانت المقدمات التي انتهت إليها المحكمة لاتؤدي من الناحية المنطقية الي النتيجة التي خلصت إليها. ومن صور هذه الرقابة ما أطلقت عليه محكمة النقض تعبير التعسف في الاستنتاج لتتأكد رقابة المحكمة علي المنطق القضائي لمحكمة الموضوع في معرض استخلاص الواقع. وكل ذلك إيمانا بأن الأسس التي يقوم عليها المنطق القضائي هي المدخل نحو حسن تطبيق القانون. وفي هذا النظام تجلت روعة قضاء محكمة النقض حين أخرجت الإثبات المادي للوقائع من نطاق رقابتها، بينما مدت هذه الرقابة علي منطق استخلاص الواقعة برمتها في ضوء ما أثبتته من ماديات الوقائع. ومن خلال رقابة محكمة النقض علي المنطق القضائي لمحكمة الموضوع ساهمت المحكمة في الاقتناع العام بعدالة الأحكام التي تتأبي ما لم تكن مبنية علي منطق سليم، وساهمت بذلك في ضمان الأمن القانوني للحيلولة دون الخطأ في تطبيق القانون تحت تأثير الخطأ في الواقع الذي يعتبر مجرد هيكل عظمي يكسوه القانون، فإذا كان الهيكل معوجا أو مشوها انعكس ذلك علي تطبيق القانون.