للإنسان خمس حواس هي النظر والسمع والشم والتذوق واللمس... وهناك خلاف حول الحاسة السادسة التي توصل بعض العلماء في عام 1997م إلى أنها عضو غامض يدعى VNO يتحكم في العواطف ويمتلك القدرة على التقاط الإشارات الكيميائية غير المرئية المنبعثة من أجساد الكائنات الحية، بينما المفهوم الأكثر شيوعاً للحاسة السادسة هو أنها القدرة على توقع الأحداث قبل وقوعها والتخاطر والاستشعار عن بعد وهي في الواقع ليست قدرة يختص بها بعض البشر دون غيرهم ولكنها تصبح خارقة أو خاملة بسبب عوامل معينة تماماً كما هي حاسة البصر على سبيل المثال حيث يتمتع البعض بنظر سليم بينما يعاني البعض من قصر أو طول البصر أو فقدانه، ووفقاً لتقرير نشر بمجلة علمية أمريكية يعتقد أن هذه الحاسة موجودة بالفعل في جزء من أجزاء المخ يتعامل مع حل الصراعات ويطلق الإنذارات بشأن الأخطار التي لاتستطيع النفاذ إلى المخ الواعي، كما يسود الاعتقاد بأنه مع اعتماد الإنسان على المنطق و الأسلوب العلمي في التفكير تراجعت لديه الحاسة السادسة وتعطلت.
وبالرغم من أن العلم لايزال حائراً أمام تفسير الحاسة السادسة ومتردداً في ضمها إلى دفتر عائلة الحواس الخمس إلا أنني سأقفز على حاجزها إلى الحاسة السابعة لعلي أفوز بقصب السبق في تصنيفها بالحاسة بعد أن أعياها الانتظار في مختبرات البحث باعتبارها ظاهرة مستعصية التفسير.
الحاسة السابعة التي أعنيها هي الإحساس بالزمن أو ما يطلق عليه Time Perception ... ولتبسيط مفهومها استناداً إلى الثقافة الشعبية هي إحساسنا على سبيل المثال بأن الأوقات الجميلة تمر سريعاً بينما لحظات الترقب والانتظار تبدو طويلة... وهي كذلك تفاوت تقديرنا لنفس الزمن الذي نعيشه حيث يشعر البعض أن يوم السبت على سبيل المثال هو أطول أيام الأسبوع، والغالبية تشعر أن شهر رمضان هو أقصر شهور العام بينما شوال أطولها... كما يبدو بشكل عام أن هناك إجماعا بين شعوب العالم على أن السنوات باتت تمر سريعاً غير أن نفس هذا الإجماع قد يتفاوت تقديره من شخص لآخر بالرغم من أن عدد أيام العام وساعات اليوم ودقائق الساعة لا يتغير.
كذلك كلما تقدم الإنسان في العمر يشعر بأن السنوات تمر سريعاً، وكلما لم يكن راضياً عن انجازاته يسيطر هذا الإحساس عليه ويشعر أن السنوات تتسرب من بين يديه بشكل سريع ومخيف.
نرى بالعين ونستنشق بالأنف ونلمس باليد ونسمع بالأذن ونتذوق باللسان، أما العضو الذي يتحكم في إحساسنا بالوقت فقد يكون هو الساعة البيولوجية وهذا مايزيد الأمر تعقيداً ذلك أن الساعة البيولوجية نفسها قد تم التعريف بوظيفتها (كضابط إيقاع) لحياة الإنسان ولكن دون إجماع علمي على تحديد عنوان مسكنها في عقل وجسد الإنسان.
الأكيد أنها (أم الساعات) فعمرها من عمر خلق الإنسان وإعجازها يتجلى في أنها تتمتع بالإحساس خلافاً للساعات التقليدية الخرساء بالرغم من نبضات عقاربها... ومن أبرز ما توصلت إليه الدراسات حول عمل الساعة البيولوجية وحساسيتها هو أنها تعمل بالحركة البطيئة عندما يواجه الإنسان أحداثا مخيفة مثل حادث السيارة على سبيل المثال فيتجمد الوقت أو يحصل مايسمى بـ Time Dilation ليتمكن الإنسان من رؤية كل التفاصيل الدقيقة التي تقع في ثوان قصيرة وبالتالي يتحرك العقل سريعاً لمحاولة تفادي الحادث أو استيعابه، وتعلق عادة في ذاكرة المصاب مشاهد يستحيل رؤيتها على من يتابع الحادث عن قرب دون أن يكون مهدداً بخطره ويصعب أن يستوعب أنها قد وقعت في هذا الوقت القصير مهما كان قريباً من موقع الحدث... فالساعة البيولوجية تلعب في أحيان كثيرة دورا دفاعيا بمنحها وقتا إضافيا للإنسان عندما يداهمه الخطر حتى يتمكن من التعامل مع حدث طارئ.
الحاسة السابعة هي حاسة وهي ساعة موجودة دون أن نراها أو ندرك أهميتها، وهي تعمل على تنظيم الدورة اليومية لحياة الإنسان بما فيها النوم وإنتاج الهرمونات ودرجة حرارة الجسم وضغط الدم، وهي بذلك تضبطنا كما يمكننا أن نضبطها أو ربما هذا ما قد سعى إلى إثباته العلماء معتبرين أن التوقيت المثالي للساعة البيولوجية هو الذي يتوافق مع نمط الحياة ومع حركة عقارب الساعة التقليدية التي نضبط عليها برنامجنا اليومي، وبناء على ذلك الاعتقاد بدأت الدراسات تخرج بنتائج تساعد على عملية الضبط الصحي للساعة البيولوجية فعلى سبيل المثال يقال انه في حال اختلالها بسبب ظروف طارئة تقلب ليل الإنسان إلى نهار يمكن إعادة ضبطها بتعريض الوجه لأشعة الشمس لمدة 15 دقيقة في كل صباح حالما يستيقظ... وإن كان لهذه الآلية أن تحقق بعض النجاح فتجارب أخرى قد أثبتت أنها أقرب إلى الفشل من النجاح ومن بينها الاعتقاد بأن بعض الممارسات الرياضية والأنظمة الغذائية بوسعها أن تجعل إحساسنا بالزمن يتغير وبالتالي تمتد على سبيل المثال فترات الخصوبة لدى النساء، مثل هذه المحاولات تبدو حتى الآن كمحاولة تأخير وتقديم عقارب الساعة العادية ليتوهم الإنسان أن الوقت قد تغير بينما العالم من حوله ومن داخله لايعترف بذلك.
الساعات التقليدية قد تكون أكثر مرونة لأنها لاتتمتع بالإحساس، أما الساعة البيولوجية بإحساسها فانها لازالت عصية حتى عن استيعاب العلماء ولازالت أسرارها مشوقة للبحث والاستكشاف.