إن مما هو ثابت اليوم أن من أهم ما يفيد صحة القلب ويقلل من احتمال حصول أمراضه هو ممارسة الرياضة البدنية بالطريقة المنشطة للقلب والأوعية الدموية والرئتين أو ما يسمى اختصاراً بتمارين الإيروبيك الهوائية وفق مواصفات معينة.
والأسباب في فائدة تمارين الإيروبك متعددة، منها ما له علاقة بالقلب من ناحية بنيته، خاصة عضلته وشرايينه. ومنها ما له علاقة بوظيفته وتحديدا قدرة القلب أثناء انقباض عضلته على ضخ الدم إلى الجسم والرئتين، وكذلك قدرته أثناء انبساط عضلته على استيعاب الدم الوارد إليه سواء من الجسم أو الرئتين.
التمارين الهوائية أو «إيروبك» سميت كذلك للتفريق بينها وبين التمارين اللاهوائية أو «أن إيروبيك». والجسم كما هو معلوم يحتاج إلى طاقة كي تعمل عضلاته وأجهزته المختلفة، والطاقة ينتجها الجسم من مصادر ثلاثة إما السكريات أو البروتينات أو الدهون. ويوجد في الجسم طريقان لإنتاج الطاقة من هذه المواد أو بعبارة أخرى حرق هذه المواد لإنتاج الطاقة وهما الطريق الذي يستخدم الأوكسجين والطريق الذي لا يستخدم الأوكسجين. ولذا فإن الفارق بين نوعي التمارين واضح من المسمى، فـ «إيروبك» تعني أن الجسم سيستخدم الأوكسجين في إنتاج الطاقة، و«أن إيروبك» تعني أن الجسم لن يستخدم الأوكسجين في إنتاج الطاقة، بل سينتجها عبر طريق آخر ومواد أخرى.
ما الذي يحدد أياً من نوعي إنتاج الطاقة؟، الجواب هو صفات المجهود البدني المبذول، فعلى حسب نوعه يتخذ الجسم المسار الملائم لإنتاج الطاقة، ونقول ملائماً أي الذي يؤدي غرض إنتاج كميات كافية تلبية لحاجة العضلات. فمثلاً حينما يضطر إلى رفع أثقال بشكل متكرر وشديد فإن العضلات تتطلب طاقة لا يمكن تأمينها إلا بطريقة لاهوائية، أما أثناء هرولة الإنسان وسباحته أو ممارسته للعملية الجنسية الطبيعية فإن الطاقة ستؤمن بطريقة هوائية.
من هنا فإن ميزة التمارين التي تتم فيها حركة العضلات بأسلوب يتطلب تأمين الطاقة بالطريقة الهوائية هو أن هذه التمارين ستنشط العضو الذي يستقبل الأوكسجين من الهواء وهي الرئتان، وكذلك ستنشط العضو الذي يسهل نقل الأوكسجين من الرئتين إلى العضلات وهي القلب والأوعية الدموية. ولذا فإن ممارسة تمارين رياضية تحرك العضلات بوتيرة وإيقاع متوسط هي كل ما يلزم لتنشيط ورفع كفاءة القدرات الوظيفية للرئتين والقلب والأوعية الدموية، ومن ثم يصبح لدينا قلب قوي ونشط، وكذلك حال الرئتين والأوعية الدموية. الإيقاع والوتيرة والمدة الزمنية هي أركان صفات تمارين «إيروبيك» الهوائية التي لو زادت عن حدها لتحول الأمر إلى تمارين «أن إيروبيك» أي لاهوائية وقليلة الفائدة للقلب، أو لو قلت عن حد معين لأصبحت غير كافية لتنشيط القلب ولم تحقق الفائدة المرجوة.
أفضل التمارين الرياضية على الإطلاق ما كان أقربها إلى الفعل والوظيفة الطبيعية الذي خُلقت الأعضاء لها، فالأطراف السفلى من القدم والساق والفخذ والحوض مهمتها الأساس المشي أو الهرولة أو العدو، وهي أيضاً أكبر كتلة عضلية في الجسم، لذا فالمنطق يقول إن التحرك بالوظيفية الطبيعية لأكبر كتلة عضلية في الجسم بطريقة تتطلب استخدام الأوكسجين كمصدر لإنتاج الطاقة هو أفضل ما سينشط القلب، وهو كذلك بالفعل.
فالهرولة أو المشي السريع أو حتى العدو المتوسط هو أفضل رياضة ويحقق لنا ما ينشط القلب. وكذلك السباحة إذا تمت بطريقة رياضية سليمة فإنها أيضاً ستحقق المطلوب وأكثر، وركوب الدراجة أيضاً يحقق كثيراً من المطلوب. وممارسة التمارين الهوائية في صالات الرياضة كالجري على السير الكهربائي أو الدراجة الثابتة وغيرها أيضاً ستحقق المطلوب. المهم أن تتم وفق خصائص ومواصفات كما سيأتي. كل المطلوب بعد الاقتناع بأهمية التمارين والرغبة في ممارستها هو حذاء مناسب وتفريغ وقت لذلك ومكان للهرولة.
النصيحة هي أن تهرول 30 دقيقة أربع مرات أسبوعياً على أقل تقدير لتقطع حوالي 12 ميلاً (أي حوالي 19 كيلومتراً) أسبوعياً.
والمواصفات السليمة لتمارين القلب هي:
أولاً: حساب أعلى معدل للنبض:
حينما يبذل أحدنا جهداً بدنياً فإن نبضات القلب تزداد كي يدفع مزيداً من الدم إلى العضلات، زيادة النبض هي تمرين للقلب، ومعدل النبض هو مؤشر على تفاعل القلب وتمرينه بطريقة غير مجهدة. لذا فإن هدف تمرين القلب هو الوصول بمعدل عدد النبضات في الدقيقة إلى مستوى يسمى الهدف القلبي للتمارين الرياضية، وهو ما يجب حسابه والمحافظة عليه أثناء الرياضة.
الخطوات بسيطة، يقيس المرء عدد نبضات قلبه في الدقيقة عند راحته أي قبل بدء الرياضة. كما ويحسب أعلى معدل لنبض القلب لديه من خلال طرح رقم عمره بالسنوات من رقم 220. ثم يطرح عدد نبضات القلب من النتيجة السابقة أي أعلى معدل للنبض. ثم يضرب الناتج في 60، ويضيف الرقم الناتج إلى نبضه الطبيعي لنحصل على معدل النبض الذي يجب أن يصل إليه ويستمر عليه طوال تمارين الهرولة.
مثلاً رجل عمره 32 سنة، ونبضه الطبيعي أثناء راحته هو 73 نبضة في الدقيقة، فالخطوات هي:
1. 220-32=188 2. 188-73=115 3. 115_0,60=69 4. 73+69=142 حينما يبدأ المرء بالتمارين يحاول أن يصل إلى نسبة 60% من أعلى نبض وهو الرقم في الفقرة 3 من العمليات الحسابية، وبعد فترة زمنية أي أيام أو أسابيع يبدأ في التدرج لرفع النسبة حتى يصل إلى 85% وهي أفضل شيء، ويستمر طوال عمره على هذا طالما أن ذلك ممكن له.
ثانياً: التدرج في البدء والختام:
التدرج في أداء التمرين لمدة 5 دقائق كإحماء، ويتم خلالها رفع معدل النبض تدريجياً حتى الوصول إلى نسبة 60% المذكورة أعلاه، ثم يكمل التمرين كالهرولة لمدة 20 دقيقة على ذلك المستوى المطلوب، ثم في آخر خمس دقائق يبدأ التدرج في التوقف. من المهم جداً التدرج في البدء والختام ليس لراحة الإنسان أو مزاجه، بل هو تلبية لمتطلبات العمليات الكيميائية والفسيولوجية الحيوية في الجسم كي تتم بشكل صحي. فالإحماء هو عبارة عن رفع لحرارة الجسم كي يسهل على العضلات العمل بكفاءة، وكذلك المفاصل مما يرفع استفادة الجسم من التمارين ويقلل من مخاطرها