الحوار ليس شعار الجماعات والحركات فحسب , لكنه شعار كل الثقافات المستقبلية والواعدة في العالم , ومع هذا التطور الهائل في تكنولوجيا الإعلام , وسقوط الكثير من الحواجز الأيديولوجية , فأن الحوارات الثقافية تعتبر قنوات للتواصل والتامل في الذات بالآخر.
نحن كمثقفين مسلمين نشعر بحاجة شديدة إلى التحاور فيما بيننا , وإلى إقامة آخاية جديدة , وأشكال جديدة من التواصل من مجتمعنا .
لقد انتهى النمط التقليدي للمثقف الاسلامي و دوره الكلاسيكي في حوالي منتصف القرن العشرين الميلادي, وفقدنا قنوات الحوار الاجتماعي القديم في مجتمعاتنا التقليدية .
مجتمعاتنا تجددت, اوهي تتجدد, و مثقفونا تجددوا او هم يتجددون, لكن هناك هذه الحلقة المفقودة, نتيجة للتغيرات الاجتماعية الجذرية التي حدثت و تحدث في العالم و في تواصلنا مع هذا العالم.
ومن هنا فان ثقافتنا ومثقفينا كلاهما بحاجة الى انواع جديدة من التواصل, والى استكشاف هذه الانواع الجديدة من التواصل لمزيد من الالتزام بقضايا مجتمعنا الاسلامي من جهة ,ومن جهة اخرى لتثقيف انفسنا. وتطوير القراءات و التاملات التي كثيرا ما يفقد احدنا من خلال بوصلته التى تصله بمجتمعه , والتي تصل الى حد ما بالنواحي العميقة في ذاته الثقافية التاريخية.
اهمية الاقنية الجديدة في التواصل مع مجتمعنا نحن المثقفين لا تنبع اذا فقط من ان مهمة النخبة التاثير, ومهمة النخبة اعادة صياغة الوحي ,او طرح المشروعات, وتختلط فيها الموضوعية بالدعوية,وحسب , بل ان ضرورة الاقنية الجديدة اتية –ايضا- من اننا كافراد في تواصلنا و اكتشاف اشكال جديدة من التواصل انما نعيد اكتشاف ذواتنا , وانما نثقف انفسنا بهذه الثقافة التاريخية التي مازال مجتمعنا في تنظيماته الاجتماعية وفي مؤسساته التقليدية وغير التقليدية يحتفط بخبرة طويلة الامد والمدى في نطاقها , والتي نكون فقدنا نحن كافراد في غمرة وسياق تثقفنا بالغرب وتلاقح الثقافة العالمي الذي خضنا غماره , في سياق هذا كله قد نكون فقدنا كثيرا من شرائط الاستشعارة, وشرائط الفهم , والفهم العميق للحركية الداخلية في مجتمعاتنا , وان سد هذه الفجوة لا يمكن ان يحدث الا من خلال علاقة جديدة , وتواصل جديد, ومن نوع اخر غير تواصل المثقف الغربي بمجتمعه , نوع اخر من انواع التواصل بيننا نحن المثقفين المسلمين ومجتمعاتنا.
لا استطيع في هذه العجالة ان اطرح افكارا حول ما اعنية من استكشاف واستشعار التواصل الجديد, لكنني استطيع ان اوجز ذلك بما حدث و بما يحدث عند كثير من التنضيمات الاجتماعية الاسلامية السياسية منها و غير السياسية , التي تقوم نجاحاتها وجديتها وجدواها علي قيامها بخدمه كثيره مناغراض واهداف وجزئياب مجتمعاتنا فيما يعرف بمشاريع الخدمات الخيرية , مع التركيز على المهمشين و الضعفاء التي اخرجتهم الانظمة الحصرية السياسية من سياق اهتمامها .
ان مااكشفته حركات اسلامية كثيرة خيرية وسياسية وركزت علية هو الذي شكل مدخلا اساسيا ومهما بالنسبة لها لاعادة استكشاف المجتمع والخوض في غماره واغواره .
هناك طريق اخر ممكن التواصل من خلاله فيما احسب, وفيما جربته بنفسي, وهو ان العلم الذي تلقيناه نحن و الذي نعرضه بطرائق اكاديميه لا يصلح لمخاطبة الجمهور. في المقابل ان المحاضرات العامة التي يشيع فيها الطرح المبسط نسبيا , نجد ان الجمهور يتجاوب اكثر , وان الفكره تصل بطريقة اعمق , وتتشعب ويجري الاستطراد في سياقها , والاستنتاد منها , بحيث يتعلم الانسان من ما يقوله الجمهور اكثر مما تعلم وقال المحاضر .
هذه الخبر في التعامل مع الجمهور والتي تخدم الطابع العلمي الاكادمي من حيث انها تجعلك تحس بهموم هذا الجمهور , وبالتالي تعالج الموضوعات التي تهم هذا الجمهور اكثر من غيرها,وان كانت موضوعات تاريخية,او رمزية ,او قرانية,لكن تبقى هناك موضوعات تهم الجمهور اكثر وهي الموضوعات الحاضرة والمعاشة, هذه الوسيلة من وسائل التواصل اعتقد انها يمكن ان تسهم اسهاما ايجابيا بالنسبة لبيئتنا نحن على الخصوص في اعاده الصلة بالمجتمع .
ويمكن ان تكون هنالك افكار ووسائل اخرى تكتشف من خلال الخبرة.
وما ينبغي ان اقوله في النهاية ان هناك نوعا من الانفصال بيننا وبين مجتمعاتنا ,مما ينبغي التفكير الجدي و العمل الجدي لتجاوز هذا الانفصام بابداع وسائل جديدة من التواصل و التفاعل.
موضوع: المثقف واكتشاف وسائل إتصال جديدة بالمجتمع 
الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:09 pm
