الواحد حاسس إننا ماعدناش زي زمان.. كان زمان كده الواحد يسمع إن لو واحد عاكس واحدة في الشارع ياخد علقة محترمة ماخدهاش سجين سياسي في معتقل.. والناس تتلم وكله يشارك وتحيا الوحدة العربية.. والعنب العنب.. والحاجات دي..
حتى واحنا زمان في الجامعة.. كانت خناقة محترمة تحتوي على كل اللي قلبك يحبه من الأسلحة البيضا والسودا والسيوف بتاعة "مسرور" -مش عارف كانت بتدخل ازاي دي- عشان واحد عاكس واحدة فجابت قرايبها.. ده بالنسبة للجامعات العادية يعني.. أما بالنسبة للجامعات التانية اللي عمرنا ما هنشوف شكلها فكانت الخناقة دايما بسبب إن الواد "ميمي" عاكس البنت "سوسو" حبيبة "لولو".. فقام "لولو" جمع كل أصحابه اللي في السيبر بيلعبوا شبكة واللي بيلعب ع الجيتار على السلالم واللي بينظم رحلة لشرم الشيخ.. وطلعوا كلهم على شلة الواد "ميمي" وخاصموهم جامد قوي يعني.. وحطوا صابعهم الصغير في صابع التانيين الصغير.. أهو رد فعل وخلاص..
إنما اليومين دول مش عارف ليه حاسس إن المسألة انقرضت أو على الأقل قلت يعني.. بنات كتير بتتعاكس وماحدش بيتكلم ولا بيوقف اللي بيعاكس.. وماحدش يقول لي البنات لابسين وعاملين.. أحيانا بتبقى البنت لابسة زي الفل وبرضه بتتعاكس.. وده اللي حصل قدامي وكان هذا الموقف.
أنا كنت راكب المترو.. زحمة جدا يا ناس.. كنت حاسس إن اللي بينزل في محطة بييجي ومعاه قرايبه في المحطة اللي بعدها.. اتحشرت في حتة بين مجموعة من العظام والصدور الرجالية طبعا.. وفضلت واقف في مكاني ولا حد حاسس بيّ أساسا..
المهم وأنا واقف لاقيت راس شاب كده -ده اللي أنا شايفه منه- قدامي وهو بيلعب في الموبايل بتاعه أبو كاميرا اللي نفسي فيه والواد شكله مؤدب هاديييي.. قلت يا واد اتفرج جايز بيلعب.. جايز بيشوف كليب للفنانة خالدة الذكر "روبي".. قربت منه وفجأة شفت العجب.. الشاب مشغّل الكاميرا وجايب صورة بنت في آخر عربية المترو وظبّط الزوووم لحد ما الصورة قربت جدا واستنى لما البنت كمان بتبص فين عشان يبقى الوش كامل.. وكليك... لقط الصورة..
الغريب في الموضوع بقى إن الواد مابصش للبنت خالص ولا كأنه بيعمل حاجة.. هو شغال في الموبايل كأنه بيلعب فعلا ومستحيل حد يتخيل إنه بيصور.. ولا حتى أظن إنه شاف البنت بره الموبايل..
أنا شفت اللقطة دي بقى واتجننت.. وكل الكلام اللي فوق ده انفجر في دماغي.. الشرف.. العاااار.. الكرامة.. أخلاق ولاد البلد.. اعتبر إنها أختك.. خطيبتك -بعد الشر-.. مراتك بعد عمر طويل.. ستك الله يرحمها.. أي حد يعني.. وعلى طريقة "أدهم صبري" انفجرت الغدة اللي مش عارفها وطلعت كمية من الأدرينالين تكفي منتخب مصر عشان يفوز بكأس العالم.
قلت لنفسي: هي موتة ولا أكتر.. اتجرأ.. مستحيل الناس يسيبوك.. أكيد الحميّة دي موجودة عندهم بس محتاجين اللي يوجّههم.. وبعدين على الأقل هاضرب واتضرب أو حتى هاتضرب وهمّ هيلحقوا يحوشوا.. أي حاجة يعني بس ماقبلش الكلام ده.. وبعدين من مات دون عرضه فهو شهيد.. يا سلام لو الواحد مات شهيد.. وقعدت أقنع في نفسي لحد ما قلت خلاااااااص.. أنا هافرتكه..
خبطت على دراع الشاب.. و"خير اللهم اجعله خير".. إيدي خبطت في كمية من العضلات ولا حديد الدخيلة.. ومجموعة عروق اللهم صلِّ ع النبي.. وشوية عضلات بقى متبعترين الجهة دي والجهة دي..
كل ما أشوف عضلة.. سبب من الأسباب يروح.. قعدت أقول: هي اللي غلطانة.. ازاي تسمح لنفسها تقف في مترو وهي لابسة محتشمة كده؟؟ وكمان كاشفة وشها؟؟ يادي الكسوف.. وبعدين دي مستحيل تبقى أختي عشان أختي في البلد.. ولا ستي لأنها ماتت.. وبعدين دي مش عرضي عشان أموت عشانها.. وبعدين.......
قاطعني صوت بوابة قديمة بتتفتح وهو صوت الشاب بيقول: فيه حاجة يا كابتن؟؟؟؟؟
قلت له: حضرتك نازل المحطة الجاية؟؟؟؟؟؟