أصبحت كلمة الحساسية الشماعة التي يعلق عليها الناس أغلب متاعبهم.. فأي إصابة بالعطس يمكن أن نقول عنها حساسية، وأي هرش في الجلد يمكن تفسيره على أنه حساسية!
وأصبح الحديث عن الحساسية شيئاً عادياً.. بل ومستحباً في بعض الأحيان.. وهذا يدعونا أن نقترب أكثر من واقع هذه الحساسية.
حقيقة الحساسية
ترى.. ما هي حقيقتها؟!
الواقع أن الحساسية رد فعل غير عادي لأشياء عادية.. فالطعام أو الدواء أو حتى الغبار يمكن أن يؤدي إلى حدوث رد فعل.. على الرغم من أنها كلها أشياء عادية في حياتنا اليومية!
رد فعل الجسم والحساسية
تتفاعل الأجسام المضادة "وهي عبارة عن بروتينات في الدم" مع الجسم الغريب الذي يدخل الجسم.. وهذا التفاعل يكون فورياً.. وفي خلال دقائق تظهر الأعراض.
مثلاً.. بعد لسعة النحل يتفاعل سم النحل مع الأجسام المضادة الموجودة في الدم، وهكذا يحدث الهرش والتورم في مكان اللسعة!
رد الفعل المتأخر
عندما يأخذ حوالي يومين أو ثلاثة حتى تظهر أعراضه،. وهكذا تتضح الفكرة الخاطئة الموجودة عند معظم الناس.. الذين يعتقدون أن الحساسية تبدو أعراضها فور تناول دواء، أو بعد أخذ حقنة في الجسم.
كذلك يعتقد البعض أن تعاطي الدواء مرة أو مرتين دون حدوث متاعب يعني أن هذا الدواء لا يسبب الحساسية.
والواقع غير ذلك.
فالتفاعل مع أي جسم غريب سواء كان طعاماً أو دواءً أو حتى مواد تجميل، نادراً ما يحدث مع أول مرة يدخل فيها هذا الجسم.
وقد تمر فترة طويلة على الجسم "سنين" حتى يقرر أن هذه المادة أو غيرها شئ غير مرغوب فيه!
وهنا.. تبدأ عملية الرفض..
والرفض معناه: الحساسية.
وهكذا نصل إلى القاعدة العامة لعملية الحساسية:
أي جسم غريب قد يتفاعل بالحساسية لأي جسم غريب عند أي وقت، والذي يجب أن نعرفه، أن الجلد ليس هو العضو الوحيد الذي يبدو فيه تفاعل الحساسية.. ولكنه في الواقع العضو الذي يظهر بطريقة واضحة.
وأهم أعراض الحساسية التي تبدو في الجلد ليس هو التهاب الجلد بالتلامس، الأرتيكاريا، طفح الحساسية الناتج عن الأدوية، وأخيراً الحساسية لضوء الشمس.
التهاب الجلد بالتلامس
لبست الساعة الجديدة.. ولكن بعد أيام من ذلك ظهر طفح جلدي مع هرش شديد وإحمرار في الجلد تحت مكان الساعة.
يحدث ذلك نتيجة لحدوث الحساسية من الجلد لهذا المعدن المصنوعة منه يد الساعة.. هذه الحالة تسمى بالتهاب الجلد بالتلامس، وهذه الحالة تكون أساساً تفاعلاً بالحساسية من الجلد لهذه المادة الغريبة.
والمعروف أن النيكل، المطاط، والصبغة من أهم المواد التي تسبب التهاب الجلد بالتلامس.
والحساسية للنيكل قد تضايق بعض السيدات لأن النيكل يدخل في صناعة المجوهرات والسوست وأشياء كثيرة من أدوات المنزل.
وأثناء العمل اليومي في البيت يحدث التلامس الذي لا يمكن تفاديه مع هذا المعدن.
ففي هذه الحالة قد تذهب السيدة إلى الطبيب تشكو من طفح جلدي على الأذنين والرقبة والمعصم.. ويكون ذلك بسبب حساسية المجوهرات أو الصبغة التي تحتوي على معدن النيكل.
وقد تشكو السيدة من منطقة ملتهبة في جلد الظهر.. ويكون السبب مشبك الملابس الداخلية المصنوع من النيكل.
وعند ابتداء موضة استعمال البوت.. كان عدد غير قليل من السيدات يشكين من التهاب وإحمرار الجلد على جانبي الكاحلين.. والواقع أن ذلك لم يكن أكثر من حساسية لمادة سوست البوت المصنوعة من النيكل.
أما الحساسية للمطاط فإنها تؤدي إلى الإحساس بهرش وإحمرار وتورم الجلد في المنطقة الملامسة للمطاط.
وقد يؤدي استعمال طفلك "للأستيكة" إلى حدوث حساسية والتهاب الجلد بالتلامس في المنطقة التي دعكها، والقدم هي المكان المفضل لالتهاب الجلد بالتلامس نتيجة لحساسية موجودة للمطاط.
وقد لا يكون سبب الحساسية هو المطاط المصنوع منه الكعب.. ولكن تحدث الحساسية عند تلامس المطاط المصنوعة منه المادة اللاصقة للكعب.
وفي بعض الحالات حدثت الحساسية للمطاط على العضو التناسلي للرجل الذي يستعمل العازل الطبي المطاطي في منع الحمل!
وهناك أيضاً الصبغة المستعملة في تلوين الشعر.. هناك نجد أن السيدة التي تعاني من حساسية لصبغة الشعر تشكو من تورم في فروة الرأس مع ظهور بعض الفقاعات.
فإذا حدثت الحساسية للصبغة فإنها تؤدي إلى وجود حساسية لبعض المواد المماثلة في تركيبها الكيميائي للصبغة، مثل بعض الأدوية المستخدمة في التخدير.. وكذلك بعض مركبات السلفا.. بل وبعض المواد المستخدمة للوقاية من أشعة الشمس.
هنا نجد أن السيدة التي استعملت الصبغة وسببت لها طفحاً جلدياً وتورماً بفروة الرأس مثل هذه السيدة قد تذهب بعد شفائها للاستحمام على شاطئ البحر.. فإذا استخدمت الدهان الواقي من أشعة الشمس فإن الطفح الجلدي يظهر على وجهها وجسمها نتيجة للحساسية المنقولة من الصبغة إلى دهان وقاية الشمس!
حتى مستحضرات التجميل.. أيضاً قد تسبب حدوث الحساسية.
وقد تظهر السيدة أن سبب التهاب الجلد شئ آخر غير الحساسية.. فهي تستعمل نفس المستحضر لأعوام طويلة.. ولكن بعد كل هذا الوقت فإن مستحضر التجميل يمكن أن يسبب الحساسية بالتلامس.
تحول الدواء إلى داء
قد تحدث الحساسية في الجلد أحياناً بسبب استعمال دواء تم استعماله لعلاج حساسية أخرى!
فإذا أصيب أحد الأشخاص بالتهاب بسيط بالجلد.. مع هرش.. ويذهب إلى أقرب صيدلية ليعطيه الصيدلي دهاناً مضاداً للهرش به مواد ضارة للحساسية مع مخدر موضعي هذا المخدر الموضعي قد يكون سبباً في حد ذاته لحدوث الحساسية، خاصة إذا تم استعماله أكثر من مرة في الجلد.
ولن يخرج المريض من هذه الدوامة إلا على يدي طبيب متخصص يكتشف الحقيقة ويصف العلاج المناسب..إنه مجرد مثال لهواة العلاج بعيداً عن استشارة الطبيب.
الحساسية للأدوية
والواقع أن الكثير من الأدوية قد تسبب عند استعمالها الحساسية التي تبدو بأشكال وألوان مختلفة على الجلد.
والطفح الناتج عن الحساسية للأدوية قد يشبه أمراضاً جلدية أخرى مثل الصدفية أو الإكزيما أو حتى حب الشباب.. وكلما زاد عدد الأدوية التي يستعملها المرضى زادت فرص ظهور الحساسية لهذه الأدوية المستعملة.
وكذلك.. فإن المريض الذي يستعمل أنواعاً كثيرة من الأدوية قد يكون من الصعب اكتشاف أي دواء منها هو الذي سبب الحساسية!
وأهم شئ في علاج حالات الحساسية للدواء هو التوقف بالطبع عن استعمال هذا الدواء المسبب للحساسية.
الحساسية لأشعة الشمس
يعتقد بعض الناس، أصحاب البشرة البيضاء? أنهم حساسون لأشعة الشمس.. والسبب أنهم يعانون من حروق شديدة بالجلد بعد تعرضهم لأشعة الشمس في المصايف، وتحدث هذه الحروق الشديدة حتى وإن كان التعرض للشمس بدرجة خفيفة.
وهناك أيضاً الشخص الأبيض أو الأسمر الذي يتعرض لأشعة الشمس فيصاب بأنواع طفيفة من الحساسية والهرش.
كل هذه التفاعلات تزول بعد فترة وجيزة من اختفاء الشمس.
وأهم نقطة في علاج مثل هذه الحالة تكون بالوقاية وعدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة.
وهناك بعض الأدوية التي تسبب حدوث الحساسية إذا تعرض من يستعملها لأشعة الشمس.. أي أن الإنسان يمكن أن يستعمل الدواء ولا يعاني من الحساسية إذا حرص على عدم التعرض للشمس.. كما أنه لا يعاني من الحساسية إذا تعرض للشمس ولم يأخذ الدواء.
وهكذا يكون استعمال الدواء مع التعرض للشمس في نفس الوقت وراء حدوث الحساسية.
وتبدو الحساسية هنا على هيئة طفح جلدي على الوجه وعلى الجزء المعارض من الصدر في فتحة القميص.
وهذا النوع من الحساسية يتسبب من بعض مركبات السلفا أو بعض أدوية السكر التي تؤخذ عن طريق الفم.. وبعض الأدوية المدرة للبول.
كذلك فإن بعض الأطعمة قد تسبب تفاعلاً مشابهاً عند التعرض للشمس، كما هو الحال عند تناول الليمون وبعض أنواع الجزر ثم التعرض للشمس