الجوّ الإيماني ناشئ من اجتماع مؤمنين أو أكثر في ذكر أو تذاكر أو تذكير، بل وفي نشاط إيماني جامع..
وكما أن الأجواء المنحلّة تصيبني بالتحلّل أو بأعراضه، كذلك الأجواء الروحية تشدّ من عضدي، وتمسك ببنائي من أن يتصدّع أو ينهار أو يتداعى تدريجياً.
وكما أن التغذية هناك تفقدني مناعتي، فإن التغذية هنا تحافظ علي وتقوّي مناعتي.
هذه قواعد إيمانية وروحية عامّة، دعونا نمثّل للجانب الإيجابي منها:
سيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء (ع)، كانت إذا أرادت أن تقرأ القرآن تُجلس الحسنين (ع) في حجرها حتى يعيشا (الجوّ القرآني) (كثيرون من تعلّقوا بالقرآن وانشدّوا إليه أرجعوا السبب في ذلك إلى أمهاتهم حين كن يتلين القرآن بصوت شجيّ).
وفي سيرتها أنها في أيام (ليالي القدر) كانت تنيم الصغار حتى يتمكنوا من إحياء تلك الليالي ويعيشوا أجواء الإحياء ويتمرّنوا عليه كنوع من أنواع التأهيل.
وعندما نطلع على سؤال إبنها الإمام الحسن (ع) عن دعائها في صلاة الليل لجيرانها قبل الدعاء لأهل بيتها، نتعرّف على أن الصغير الذي يرى أمّه أو أباه يقفان في جوف الليل وفي غير الأوقات المعتادة للصلاة وهما أو أحدهما يناجيان الله، فإنّ ذلك سيحفرُ في ذاكرته حفرا، وينقش في لوح أيامه نقشا.
وفي المأثور عن حياة الإمام الصادق (ع) أنّه كان إذا أراد أن يسأل الله شيئاً جمع الصغار من أهل بيته (ليؤمّنوا) = يقولوا (آمين) على دعائه، لطهارة قلوبهم وبراءتهم، وتدريباً لهم على الالتجاء إلى الله في أوقات العسرة والشدّة.. إلى غير ذلك من الامثلة.
كيف نطبّق هذا في أسرنا ومنازلنا؟
إنّ صلاة الجماعة التي يؤم فيها الأب أبناءه، والدعاء الجماعيّ الذي يشترك فيه الابناء، وقراءة القرآن (تعليمه) في جلسة قرآنية قوامها الابناء، وإحياء ليالي القدر (حسب القدرة والاستطاعة).. بشكلٍ أُسريّ والاستماع إلى (دعاء كميل) ليالي الجمع في محفل عائلي، و الجلسات الرمضانية العامرة بالذكر بصحبة الأبناء في مجالس الرجال، وصحبة البنات في مجالس النساء، وما يتفنن الآباء والآمهات في ابتداعه وابتكاره من خلق مناخات روحية وإيمانية، لجدير أن (يخلق) و(ينمّي) و(يعزّز) الروح الإيمانية التي إنما هي (جُرعات) و(شحن) و(تعبئة) وتموين وإمداد و.. مداومة.[center]