تشعر ، أيُّها المسلم ، بفرق ظاهر بين أدائك للطاعات في شهر رمضان إذا ما قارنت ذلك بأدائك لها في غيره من شهور العام ، تجد الفارق ظاهراً في الشوق إلى الطاعات ، وإلى الرغبة في الإطالة فيها .
وفي الخشوع الذي تأنس به أثناء أدائها ، البدن يقشعر ، والعيون تذرف دموعاً غزيرة ، والقلب يشتاق إلى خالقه ، فيتضاعف إقبالك على الطاعات ، وهذا الأمر من أعظم التوفيق الذي يمن الله به عليك ، وكم يتمنى الواحد منَّا أن يزداد إقبالاً على الطاعة ، وشوقاً إليها .
ولكن ألم تسأل نفسك ، يوماً ما ، ما سرُّ هذه اللذة ، وما سبب هذا الإقبال ؟ حتى نتمسك به ، ويدوم معنا طوال شهر رمضان وبعده ؟
وللجواب عن ذلك نقول : إنَّ لهذا التوفيق من الله تعالى أسباباً عدَّة ؛ فمنها :
1 - خصائص شهر رمضان تُقَوِّي العزم على استفراغ الجهد وبذل الطاقة في الطاعة .
2 - التخفف من الشراب والطعام ، وهجر كثرة النوم والكلام ، والبعد عن كثير من المعاصي ، كلُّ هذا من أسباب تصفية القلب من الشوائب والأدران وأكدار القسوة ، لذلك يقبل على الطاعة ، ويجد اللذة فيها .
3 - تحريم المباحات على الصائم ، من الطعام والشراب والنكاح ، تجعله يتعلم منها كيف يتقي ربَّه ، حيث يكف عن المباحات ، ومن قدر على كفِّ نفسه عن المباحات كان كفّه عن المحرمات أسهل ،
قال الله تعالى [ يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون َ ] وتقوى الله من أعظم أسباب تعلق العبد بربِّه ، وتلذذه بعبادته ، وتسابقه في طاعته .
4 - كثرة أداء العبادات من صلاة وصيام وزكاة ، وذكر ومناجاة يورث إقبالاً على الله تعالى ، ويجعل همَّ العبد كله لله ، وإقباله خالصاً له .
هذه الأسباب من أعظم الأمور التي تورث لذة الطاعات ، وبها يجد العبد حلاوة الإيمان ، فهل نحرص على المحافظة عليها طوال العام ، ولو بالإكثار من صيام النفل ، نرجو ذلك .