حينما تعجز آليات التكيف عن منح الشاب الاستقرار والامن والهناء نتيجة لشدة الاحباط , فأنه سيلتجأ شعوريا او لا شعوريا الى الجنوح , ويتخذ المظهر الجنوحي او الممارسة الجنوحية التي يراها مناسبة لمواجهة الاحباط وآثاره السلبية على العقل والقلب والارادة .
واغلب مظاهر الجنوح الناجمة عن اسباب نفسية تكاد تكون عدوانية سواء على الاموال او الاعراض او الارواح , وفي هذا الصدد يقول انطونيني : ( ان كل احباط يولد توترا عدوانيا , وشدة العدوانية تكون موازية ومتناسبة مع شدة الاحباط ) .
وتزداد العدوانية مع نمو عناصر الاحباط , والعدوانية قد تكون باتجاه الحدث نفسه فيتولد عنها تدمير المجتمع من خلال اعمال النهب او الاغتصاب او الجريمة , وقد اكدت الدراسات والاحصاءات لمؤسسات متخصصة في بلدان متقدمة على ان الاغلبية الساحقة من المجرمين يأتون من الاشخاص الذين عاشوا طفولة غير سليمة تلقوا خلالها بعض انواع التعدي عليهم .
وابطال الجرائم مهددون في امنهم الذاتي وفي حياتهم ويعيشون مشاعر القلق والاحباط , اندفعوا الى ممارسة فعلتهم تحقيقا لحالة من الاشباع النفسي تؤمن لهم , حسب تفسيرهم الخاص اذا لم ينكشفوا , رد اعتبار لذواتهم المتأججة علها تستكين .
وعلى العموم ان السلوك الاجرامي ينتمي الى شخصية مريضة عانت من حرمان عاطفي حقيقي في فترة الطفولة.
والوقاية من جنوح الاحداث ليست عملية هينة اذا نظرنا الى طبيعة النفس الانسانية المتسمة بالمحدودية والضعف والعجلة وهي عملية شاقة وعسيرة , لمواجهتها للكيان الانساني بما يحمل من رغبات ونزوات وشهوات متجذرة او طارئة او متقلبة , ولمواجهتها للتناقض السلوكي لشرائح المجتمع المختلفة , ولهذا فهي بحاجة الى عمل دؤوب وحركة متواصلة تبدأ بتغيير المتبني للوقاية لنفسه اولا ثم مجتمعه ثانيا