يجوز أخذ نطفة رجل ووضعها في رحم صناعية وتربيتها لغرض التوليد حتى تصبح ولداً، وبعد ذلك هل يلحق بصاحب النطفة؟ الظاهر أنه ملحق به ويثبت بينهما جميع أحكام الأبوة والنبوة، حتى الإرث، غاية الأمر أنه ولد بغير أم.
والملاحظة أن هذه هي إحدى طرق التلقيح، بأن يؤخذ ماء الرجل وحده، ويوضع في رحم صناعية لتكوين ولد من خلالها، دون اقترانه بماء المرأة.
ومن صور التلقيح أن يؤخذ ماء الرجل ويربى في رحم صناعية، كتوليد الطيور صناعياً، فيلحق بالرجل ولا يلحق بغيره.
سؤال: يقوم بعض الأطباء في هذه الأيام بخلط ماء الرجل (الزوج) مع ماء المرأة (الزوجة) في أنبوبة الاختبار، فيتكون من ذلك عدة أجنة، هي بداية نشوء بشري. والحال هنا يختلف عن التلقيح الطبيعي في الرحم، إذ يتكون عادة جنين واحد أو إثنان أو ثلاثة، ولكن في الأنبوب يؤدي إلى تكون عدة أجنة، فهل يجب زرعها جميعاً في رحم الأم؟ علماً بأن ذلك قد يؤدي إلى هلاكها، وهل يجوز انتقاء جنين واحد وقتل الباقي؟ وهل تجب الدية؟ علماً بأن عدد الأجنة قد يكون كثيراً جداً، بحيث يصعب عده، فما هو الحكم في ذلك؟
الجواب: في الصورة المفروضة لا بأس بإتلاف تلك الأجنة، فإن قتل الجنين المحرم إنما هو فيما إذا كان في الرحم، وأما في الخارج فلا دليل على حرمة إتلافه، ولا دية عليه.
ويلاحظ في هذا الجواب الدليل أيضاً على جواز الاتلاف، وأن حرمة قتل الأجنة مختصة في داخل الرحم لا في خارجه، ولعله يؤيد ذلك جواز العزل واهدار مني الرجل أو بويضة المرأة.
لو أخذت بويضة المرأة وماء الرجل فلقحت به، ووضعت في رحم صناعية وتمت تربيتها لغرض التوليد حتى أصبحت ولداً، فالظاهر أنه ملحق بصاحب الماء وصاحبة البويضة، ويثبت بينه وبينها جميع أحكام النسب حتى الإرث، نعم لا يرث الولد ممن مات منها قبل التلقيح.
سؤال: يؤخذ حويمن الزوج وبويضة الزوجة ويتم التخصيب في أنبوبة الاختبار، ثم تعاد البويضة إلى رحم الزوجة؟
الجواب: هذا جائز في حد ذاته.
سؤال: هناك بعض الأمراض الوراثية تنتقل من الآباء إلى الأبناء وتشكل خطراً على حياتهم مستقبلاً، وقد توصل العلم الحديث إلى طريقة للتخلص من بعض الأمراض، وذلك بإجراء تلقيح لبويضة المرأة داخل أنبوب اختبار خارجي، يتم به فحص الأجنة واختيار الصحيح منها ثم يزرع داخل رحم الأم، ويتلف الطبيب العدد الباقي من الأجنة، فهل هذه العملية جائزة شرعاً؟.
جواب: لا مانع من ذلك في حد ذاته.
سؤال: في عملية التلقيح داخل الأنابيب قد تتكون عدة أجنة في آن واحد، مما يصبح زرعها كلها في رحم الأم مسألة خطرة على حياة الأم أو مميتة، فهل يحق لنا انتقاء جنين واحد واتلاف الأجنة الباقية؟
جواب: البويضة المخصبة بالحويمن في أنبوبة الاختبار لا يجب زرعها في الرحم، ففي مفروض السؤال يجوز انتقاء واحدة منها وإتلاف البقية.
يمكن أن تكون هناك عدة صور للتلقيح، نذكر هنا بعضها والأدلة عليها:
الصورة الأولى: إذا لقحت بويضة المرأة بمني زوجها خارج الرحم، وبعد ذلك زرعت اللقيحة في رحم الزوجة نفسها، فهذا العمل جائز في نفسه، وذلك لأن الرجل الزوج قد أقر نطفته في رحم تحل له، لا في رحم حرام عليه والمرأة قد حملت نطفة زوجها، فلا وجه للمنع عنه، لأن المعتبر انعقاد النطفة من ماء الرجل وزوجته، وأما كيفية اللقاح فلا دليل على حرمتها، ما لم يستلزم محرماً آخر كالاستمناء المحرم أو اللمس أو النظر المحرمين وغير ذلك.
الصورة الثانية: إذا أُودع ماء الرجل في رحم امرأة يحرم على الرجل جماعها، بحيث يختلط ماؤه بمائها، لتتكون منها النطفة، فالظاهر حرمة هذا العمل، وذلك لوجود بعض النصوص الدالة على هذا الحكم، ومنها الرواية المعتبرة عن الإمام الصادق (ع) قال: «إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل أقر نطفته في رحم يحرم عليه».
الصورة الثالثة: أن تلحق بويضة المرأة بمني زوجها خارج الرحم، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة أجنبية تحملها، ليتكون منها الجنين، وبعد ذلك تلد الولد.
والظاهر: أنه لا دليل على حرمة هذا العمل، لأنه لم تنعقد النطفة من ماء الرجل وماء هذه المرأة الأجنبية، وإنما انعقدت من ماء الرجل وزوجته فحسب. أما هذه المرأة فهي مجرد وعاء وحامل وحاضن لهذه النطفة المنعقدة خارجاً، لتنمو في رحمها. والنص السابق لا يشملها، بل هو منصرف عنها، فلا دليل على حرمة احتضان امرأة لولد ليس من زوجها، بل ربما استحقت الشكر لأنها أنقذت جنيناً أو ولداً.
الصورة الرابعة: أن تلقح بويضة امرأة بمني رجل ـ سواء كانت زوجة له أو أجنبية عنه ـ خارج الرحم في أنبوبة اختبار أولاً، ثم تأخذ بالنمو في تلك الأنبوبة أيضاً، حتى تكون خلقاً تاماً سوياً، فما حكم هذه الصورة؟
الظاهر جوازها، وذلك لأن مجرد عقد النطفة خارج الرحم ـ ولو كان بماء الأجنبيين فضلاً عن الزوجين ـ ونموها هناك، مما لم يقم دليل على حرمته، والأصل يقتضي جوازه. وأي مانع من مزج الماءين لتكوين الأجنة أو الأولاد منها؟ وليس فيه شبهة الزنا، لما سنذكره، إذ ليس فيه التقاء الختانين.
هذا بالعنوان الأولي. ولكن ربما يقال بالمنع له للعناوين الثانوية والآثار الأخرى المترتبة عليه، أمثال اختلاط الانسان مثلاً.
إلاّ أن يقال بأن هذا الاختلاط يمكن علاجه بتشخيص صاحب المني أو صاحبة البويضة، ثم مزجهما حيث يتشخص الأب والأم.
هذا كله في حكم نفس العمل. وأما بالنسبة لحكم الطفل المتكون من ذلك، وتعيين أبيه وأمه، فالظاهر أن أباه هو صاحب المني، وأمه صاحبة البويضة، لأن ملاك الأبوة هو خلقة الطفل من مني الرجل، وملاك الأمومة انعقاد نطفته من بويضة المرأة، والولد ما تولد من الشيء، وقد تولد الطفل حقيقة من مني الرجل وبويضة المرأة. وأما التي وضعت اللقيحة في رحمها فهي مجرد حاضن وحامل لها، وليست أماً حقيقية، والعرف يفهم ذلك أيضاً، وأن صاحبة البويضة هي الأم حقيقة.
ولكن ربما يقال: إنّه يستفاد من الآية الشريفة: (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هنّ أمهاتهم إن أمهاتكم إلاّ اللاّئي ولدنهم)، أن الأم هي التي تحمل الولد وتلده، ويخرج منها، فالمرأة الحامل والحاضن هي أم شرعاً، والولد ملحق بها.
لذلك ذهب بعض العلماء أن الاحتياط يقتضي ملاحظة أمومة هذه المرأة الحامل أيضاً، كملاحظة أمومة صاحبة البويضة، وترتيب أحكام الأمومة وآثارها على كلتيهما.
وأما بالنسبة للصورة الرابعة، وهي أن يكون انعقاد النطفة ونموها خارج الرحم في أنبوب الاختبار، إلى أن يكون ولداً سوياً، فإن الرجل صاحب المني هو الأب، في حين تكون الأم صاحبة البويضة. وأما إذا تكون الطفل من ماء الأب وحده، دون ماء المرأة، إذا أمكن ذلك، فهذا طفل بلا أم.
وعلى كل حال، حتى لو قلنا بحرمة بعض صور التلقيح، فلا يتحقق الزنا الذي تترتب عليه آثاره ومنها الحد، لأن الزنا إنما يتحقق بالاتصال المباشر بين الرجل والمرأة، ويعبر عنه بالتقاء الختانين، وهو غير متحقق هنا، لأن الالتقاء هنا بين ماءهما لا بين ختانيهما.
موضوع: أطفال الأنابيب .. وطرق التلقيح 
الأربعاء أغسطس 08, 2007 11:56 am
